الدولار يتراجع. ايضا وول ستريت. الفدرالي في ضيق شديد

لا يحتاج المتابع الحذق لمجريات الأحداث الاقتصادية العالمية الى الكثير من التدقيق ليدرك هدف الرمية الصينية الهادفة التي تم تسديدها هذا الاسبوع، ومهما جاء في تبريراتها الداخلية والخارجية.
الصين تريد الحفاظ على نمو لا يقل عن ال 7.0% ( وهو المعدل الاضعف في السنوات ال 25 الماضية ) بصرف النظر عما يحلّ في الاقتصاديات الغربية وحتى العالمية كاملة. تخفيض قيمة اليوان تبقى خطوة نمو بالدرجة الاولى وهي ضربة قاصمة للفدرالي الاميركي الذي ما كان له ان يقر بالوجع الذي أصابه من جرائها في محضر اجتماعه الاخير الذي جرى قبل تسديدها.
نعود مرة جديدة الى الملف الصيني للتأكيد على كون جانيت يللين وزملاؤها في مأزق كبير لا يمكن التعامي عنه. رفع الفائدة الموعود في سبتمبر بات بترجيح رفيع جدا مستحيلا، حتى ولو تسمّر العديد من محللي البنوك الكبرى على موقفهم السابق وقرأوا محضر الاجتماع مفصولا عما أدخلته الصين الى المعادلة. السوق يدرك هذا الواقع وبيع الدولار ليس مفصولا عنه.
الدولار يتراجع وكان من المفترض ان ترحب اسواق الاسهم بالحدث، لكن هذا لم يحدث. وول ستريت سجلت مؤشراته تراجعا تراوح بين ال 2 وال 2.5% بالغة المستوى الادنى منذ شهور خمسة، وبالرغم من صدور بيانات مشجعة عن مؤشر فيلادلفيا للتصنيع كما عن المبيعات في قطاع البناء.
محضر اجتماع الفدرالي الاخير لم يخفِ قلق الاعضاء تجاه استمرار انخفاض التضخم وبرودة النشاط الاقتصادي الذي كان من المفترض ان يكون على أحسن حال بفضل الالاف من المليارات التي تمت طباعتها في السنوات القليلة الماضية. السوق قلق لهذه الناحية ويبدو ان هناك من بدأ يتفكر بعجالة في جدوى وسيلة طباعة العملة المستعملة لتحفيز النمو.
وبالعودة الى الصين فلا يمكن معرفة مقدار الضعف الذي يصيب الاقتصاد الصيني. خطوة البنك المركزي الصيني الاخيرة اثارت موجة من القلق وهي لم تتبدد بعد. هذا يلقي بظله على الشعور العالمي العام، وما تراجع اسعار النفط المستمر الا ترجمة لهذا الواقع ولو بوجه من وجوهه.
فائدة سندات فئة العشر سنوات الاميركية تراجعت الى 2.09% وبتراجع نصف نقطة من المستوى الذي كانت عليه في اواسط يونيو الماضي. هذا يعكس حالة من انعدام الرغبة في المخاطرات والبحث عن مراكز أكثر امانا.
البحث عن الامان يعني اعادة القروض الى العملات التي تم الاقتراض منها في اطار عمليات ال " كاري ترايد" . وان تذكرنا ان اليورو بات ينافس الين الياباني في هذه العمليات فيمكن فهم ارتفاعاته الصلبة يوم أمس بصرف النظر عن مستجدات اوروبية كان يمكن ان تؤثر عليه سلبا وبقوة لولا هذا الطلب القسري عليه.
المستجدات الاوروبية التي لم تؤثر سلبا على اليورو تمثلت باستقالة الحكومة اليونانية وترجيح اللجوء الى انتخابات مبكرة في نهاية سبتمبر القادم. الحدث جاء بعد موافقة بروكسل على حزمة المساعدات الثالثة بقيمة 86 مليار يورو. حتى الساعة لم يعط السوق أهمية للحدث وتجاهله كليا شاريا لليورو ومثبتا اياه فوق ال 1.1200. التقنيات باتت مشجعة والطريق مفتوح من هذه الناحية امام ارتفاعات اضافية.
اليوم سنكون مع بيانات ال بي ام اي الاوروبية ولعلها تنبه السوق الى ما لا ينتبه اليه ، او لعلها تؤيده ايضا في صلابته وتشد من أزره.