أوروبا تتجه للإبقاء على سعر الفائدة دون تغيير مع صمود الاقتصاد

jawad ali

عضو نشيط
المشاركات
1,715
الإقامة
Turkey
1757589004921.png

من المتوقع أن يُبقي البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة ثابتة للاجتماع الثاني على التوالي، وسط قناعة بقدرة الاقتصاد على مواجهة الرسوم الجمركية التي يفرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وكذلك الاضطرابات السياسية الأخيرة في فرنسا.

بحسب استطلاع أجرته "بلومبرغ" شمل 59 اقتصادياً، فإن سعر الفائدة على الودائع سيظل عند 2% يوم الخميس، حيث لا يتوقع المحللون أي خفض إضافي خلال هذه الدورة، فيما يُنتظر أن تُخفف التوقعات الفصلية الجديدة من تكهنات ترسخ التضخم دون مستوى 2%.


مرونة الاقتصاد الأوروبي

وبينما يعتبر مؤشر الأسعار حالياً ضمن النطاق المستهدف، يواصل اقتصاد منطقة اليورو المكون من 20 دولة إظهار مرونة في الأيام الأولى من رفع الرسوم التجارية الأميركية، ويبدي معظم مسؤولي المركزي الأوروبي ارتياحهم تجاه السياسات النقدية الحالية.


لكن في الوقت نفسه، يتعين عليهم مراقبة التحول المنتظر في سياسة مجلس الاحتياطي الفيدرالي، إذ يُتوقع أن يخفض تكاليف الاقتراض في الولايات المتحدة الأسبوع المقبل، وهو ما قد يشعل موجة صعود جديدة لليورو إذا ما ألمح الفيدرالي إلى مزيد من التخفيضات المقبلة.

كما أن هناك اضطرابات فرنسا، التي انهارت حكومتها يوم الاثنين. لكن، ما لم يحدث انهيار في الأسواق، فمن غير المرجح أن تُركز رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد على ما يحدث هناك عندما تخاطب الصحفيين في فرانكفورت عند الساعة 2:45 مساءً، أي بعد 30 دقيقة من إعلان قرار الفائدة.

تباين الآراء بشأن أسعار الفائدة

بعد خفض أسعار الفائدة بالفعل من 4% إلى 2%، عارضت إيزابيل شنابل، العضو المتشدد في المجلس التنفيذي أي خفض إضافي، محذرة من أن التضخم قد يتجاوز التوقعات في السنوات المقبلة بفعل عوامل مثل التجارة وزيادة الإنفاق المالي.

كما أبدى مسؤولون آخرون تحفظهم على أي خطوة جديدة في الوقت الراهن. وأوضح ماديس مولر من إستونيا الأسبوع الماضي أنه من المنطقي "التريث ومتابعة البيانات الاقتصادية"، بينما أفاد أولي رين من فنلندا بأن هناك "مجالاً للتفكير في الخطوات المقبلة".

قال ديفيد باول، كبير اقتصاديي منطقة اليورو لدى "بلومبرغ إيكونوميكس"، إن "البنك المركزي الأوروبي ليس في عجلة لخفض الفائدة مجدداً. فصُناع السياسات النقدية ينتظرون مؤشرات أوضح بشأن كيفية استجابة الاقتصاد للرياح التجارية المعاكسة، كما أن التضخم الأساسي لم يتراجع بالقدر المطلوب بعد". وتابع أن "الاتفاق الأخير بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لا يقدم سوى قدر محدود من الارتياح، ومن المرجح أن تصبح آثار الرسوم الجمركية أكثر وضوحاً في الأشهر المقبلة".

وانعكس هذا التردد على الأسواق، التي تقدر احتمالية إجراء خفض إضافي للفائدة هذا العام بأقل من الثلث.

مع ذلك، قد تظهر اختلافات في الآراء. فقد ألمح جيديميناس سيمكوس محافظ البنك المركزي الليتواني إلى إمكانية خفض أسعار الفائدة في ديسمبر، قائلاً إن الأسعار قد تتعرض لضغوط نتيجة قوة اليورو، أو انعدام اليقين الجيوسياسي، أو تدفق السلع الآسيوية الرخيصة إلى أوروبا.

في لهجة مغايرة، لم يستبعد القائم بأعمال محافظ البنك المركزي في سلوفينيا، بريموز دولينك، أن تكون الخطوة التالية هي رفع أسعار الفائدة. فيما ترى أقلية من المتنبئين الذين شملهم استطلاع "بلومبرغ" أن مثل هذا السيناريو قد يتحقق خلال النصف الثاني من عام 2026.

توقعات النمو الاقتصادي

من المرجح أن تُظهر توقعات البنك المركزي الأوروبي الجديدة انتعاشاً تدريجياً في النمو الاقتصادي، مع بقاء التضخم عند المستوى المستهدف على المدى المتوسط. ومن بين التغييرات المحتملة القليلة، مراجعة توقعات عام 2026 بحيث تقترب من نسبة 2%، بما يخفف المخاوف من استمرار انخفاض الأسعار لفترة طويلة.

تشير المؤشرات منذ اجتماع يوليو إلى أن أوروبا صامدة بشكل جيد رغم ارتفاع الرسوم الجمركية والحرب الروسية ضد أوكرانيا. فقد واصل النشاط التجاري التوسع في أغسطس، بينما سجلت ثقة الشركات الألمانية أعلى مستوياتها منذ عام 2022.

لكن قراءة أعمق للبيانات تكشف أيضاً عن بعض علامات الضعف، إذ لفتت "بلومبرغ إيكونوميكس" إلى ضعف الاستثمارات وتراجع الاستهلاك الخاص خلال الربع الثاني، بعد انطلاقة قوية للعام مدفوعة بمساعي الشركات لاستباق الرسوم الجمركية الأميركية.

في الوقت نفسه، بلغ معدل التضخم 2.1% في أغسطس، بزيادة طفيفة عن يوليو، مع استقرار المؤشر الأساسي عند 2.3% للشهر الرابع. أما نمو الأجور فقد تباطأ قليلاً، لكنه لا يزال أعلى من المستوى الذي يعكس عادةً استقرار الأسعار.

أزمة فرنسا

لا تزال أوضاع المالية العامة في ثاني أكبر اقتصاد بمنطقة اليورو مصدراً رئيسياً لعدم اليقين.

فقد أدى إخفاق فرنسا في التوصل إلى اتفاق بشأن خفض عجز الموازنة إلى إقالة فرانسوا بايرو من منصبه كرئيس للوزراء هذا الأسبوع. ويتعين على خليفته سيباستيان لوكورنو، وهو خامس من يتولى هذا المنصب خلال عامين، حشد التأييد داخل برلمان منقسم لكبح أكبر عجز موازنة داخل الكتلة.

كما تسببت حالة الاضطراب في ارتفاع تكاليف الاقتراض الفرنسية مقارنة بإيطاليا، التي تتمتع بتصنيف ائتماني أدنى. ومن المنتظر أن تخضع تصريحات لاغارد بشأن الوضع لتدقيق واسع بحثاً عن أي مؤشرات على استعداد البنك المركزي الأوروبي لاستخدام أدوات مواجهة الأزمة، غير أن موقفها سيبقى على الأرجح حذراً.
 
عودة
أعلى