إفتح حسابك مع شركة XM  برعاية عرب اف اكس
إفتح حسابك مع تيكيمل

السياسة النقدية غير التقليدية

طارق جبور

المدير العام
طاقم الإدارة
المشاركات
82,629
الإقامة
قطر-الأردن

xm    xm

 

 

منذ بداية الأزمة المالية العالمية في العام 2007 ، حقنت أربعة بنوك مركزية في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ومنطقة اليورو واليابان ما يزيد على 4.7 تريليون دولار من السيولة في اقتصاداتها مما دفع اسعار الفوائد الى مستويات منخفضة جدّاً ( حوالي الصفر).

توافقت الآراء على ان هذه الأجراءات دفعت بالناتج المحلّي من 1% الى 3% و منعت فشلا ذريعا في النظام المالي العالمي. وبمجرّد ما دفعت اسعار الفوائد نحو الصفر تحولت المصارف المركزية نحو سياسات نقدية غير تقليدية لتقديم المزيد من الحوافز للمال والأقتصاد. وتشمل هذه السياسات توفير السيولة وسوق التسهيلات الائتمانية للمصارف، والقيام بعمليات شراء واسعة النطاق للأصول ( المعروف عنها بالتيسير الكمي).

مثال على ذلك:

أ‌- توفير السيولة:

عندما بدءت الأزمة المالية العالمية جفت وبسرعة السيولة في اسواق الأقراض على المدى القصير الأجل- على سبيل المثال، ما حصل في الولايات المتحدة الأميركية وفي منطقة اليورو حيث تمّ توسيع نطاق عمليات اعادة التحويل للمصارف والأنتقال من نظام مزاد الى نموذج "كامل المخصصات بسعر ثابت" “full allotment at a fixed rate” حيث يصبح باستطاعة المصارف ان تستدين بشكل غير محدود شرط وجود ضمانات اضافية.

ب‌- التسهيلات الأئتمانية:

وجدت المصارف المركزية ان الائتمان من القطاع المصرفي على بقية الاقتصاد قد تضاءلت لذلك تدخلت لتشجيع الأقراض. وعلى سبيل المثال أنشأت في عام 2008 برامج شراء الأوراق التجارية مدتها 90 يوماً ودعم اصدار الأوراق المالية المدعومة بالأصول. وفي عام 2011 قام البنك المركزي الأوروبي بدعم تعزيز الائتمان للمصارف من خلال إطالة عمليات اعادة التحويل من ثلاثة أشهر الى ثلاث سنوات فضلاً عن زيادة المبالغ المتاحة للمصارف.

ج- مشتريات الأصول على نطاق واسع

عندما لامست أسعار الفائدة نقطة الصفر، وتحوَلت المصارف المركزية الى شراء سندات حكومية طويلة الأجل وأوراق مالية أخرى- كما فعل الفيدرالي الأميركي في 2008، 2010 و 2012 عبر عمليات تسمّى QE1، QE2،QE3 على التوالي، واستخدام أيضاً "عملية تويست " (operation twist) والتي تسعى الى ابدال سندات قصيرة الأجل بسندات طويلة الأجل.

بالمختصر، تشمل السياسات النقدية غير التقليدية (UMP ) نوعين اساسيين:

1. السياسات الرامية الى استعادة اداء السوق والوساطة

2. السياسات الرامية الى دعم للنشاط الاقتصادي في مستوى الحد الأدنى للفائدة (ZLB Zero Lower Bond)

وقد نجحت هذه السياسات الغير التقليدية في استعادة أدآء السوق والوساطة سيما في القترة التي تلت الأزمة المالية العالمية. وكذلك كانت لها آثار ايجابية على النشاط الاقتصادي، والتضخم في الدول التي اتبعت هذه السياسات سيما في تجنيب هذه الدول الانهيار المالي الكبير. مع العلم ان النتائج لم تكن موحَدة لجميع الدول على السواء وتفسيرها ينطوي على حذر، وتحدياتها كبيرة وانعكاساتها متفاوتة.

أما آثارها على الاقتصاد الكلّي والجزئي يتجلّى ليس فقط من خلال تداعياتها، وكذلك من خلال تداخلها في حيثيّات الـ الماكرو والميكرو وتتطلب تفهمها. على سبيل المثال لا الحصر، اذا استخدمنا نمو الناتج المحلي الاجمالي الاسمي كمعيار يتراءى لنا أنه ومنذ عام 2008 كانت السياسة النقدية أكثر تشدّداً من أيّ فترة منذ أوائل الثلاثنيات من القرن الماضي، وهي سياسة انكماشية أدّت الى انخفاض هائل في نمو الناتج المحلي الاجمالي الاسمي، وبالتالي أدّت الى انخفاض كبير في أسعار الفوائد- وبمفهوم العرض والطلب، فان الاستثمار أو الطلب على الأموال تراجع بشكل أدّى الى تراجع في نسب الفوائد وفي كمية المال المقترض.

لا شكّ أن السياسة النقدية غير التقليدية أدّت الى خفض كلفة الاقتراض لدى الحكومات، كذلك استفادت الشركات غير المالية في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ومنطقة اليورو كثيراً من انخفاض اسعار الفوائد وتمكنت من توفير ما قيمته 710 بليون دولار على خدمة ديونها ما بين العامين 2007 و 2012. علماً أن ذلك انعكس سلباً على المكاسب من الضرائب والانفاق اكثر من أي مكاسب جاءت نتيجة انخفاض اسعار الفائدة.

لذلك وكقاعدة عامة، يتضح ان اسعار فائدة عالية هي دائماً مرتبطة بنمو اقتصادي قويّ والعكس صحيح. وقد يكون من الخطأ تقييم آثار أسعار الفائدة على الاقتصاد بل يتعيّن على الاقتصاديين تقييم العوامل التي تؤدّي الى هذا التغيير في اسعار الفوائد سيما الناتج المحلي الاسمي.

وقد تكون هناك طرق اخرى لتقييم أثر انخفاض اسعار الفوائد على الناتج المحلي الاجمالي من خلال تأثيرها على انفاق الأسر والمستهلكين. ولكن الأسر في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ومنطقة اليورو فقدت مجتمعة مبلغ 630 بليون دولار جراء انخفاض اسعار الفوائد- نتيجة انخفاض الفائدة على الودائع أكثر منها على الديون.

وأوضح أثر للفوائد المنخفضة قد يكون من خلال دراسة الانفاق الحكومي. في نهاية العام 2012 استفادت حكومات أميركا وبريطانيا ومنطقة اليورو مجتمعة بنحو 1.4 تريليون دولار مقارنة مع العام 2007 من خلال انخفاض الفوائد على الديون ( كانت حصة الأسد من نصيب الولايات المتحدة تبعتها منطقة اليورو ومن ثم المملكة المتحدة).

في 14 تشرين الثاني، 2013 وفي دراسة أجرتها Global Institute McKinsey لتقييم لفوائد السياسة النقدية غير التقليدية، حاولت في قسم منها اجراء تقييم آثار حوالي 5 تريليون دولار من السيولة التي ضختها المصارف المركزية " الأربعة الكبار" في الاقتصاد العالمي منذ عام 2007 و جاءت النتائج كالتالي:

1. هذا الضخ من الأموال وبتخفيضه تكاليف الفوائد، سمح بتحويل انفاقهم عن هذه الفوائد لمشتريات حكومية ذات كلفة اكبر.

2. هذا الضخ من الأموال وبتخفيضه اقساط المخاطر و اسعار الفائدة- عزّز اسعار الأصول الحقيقية مثل الأسهم والمساكن وسمح بزيادة أنفاق الأسر.

3. هذا الضخ عزّز اسعار الأصول الاسمية مثل السندات مما عزّز أنفاق الأسر.

4. مكّن الضخ الشركات من الاستثمار في المصانع والآلات والمعدات.

5. هذا الضخ، ومن خلال تخفيض تكاليف الفائدة التجارية، مكّن الشركات من الاستثمار في المصانع و الآلات والمعدات.

6. هذا الضخ وبتخفيض عائدات الأسر من الفائدة، خفّض انفاق الأسر على الاستهلاك .

يمكن القول في النتيجة، ان العامل الأول هو الأكثر تأثيراً على الاقتصاد وتعزيزه- اما العوامل الباقية فجاء تأثيرها متفاوتاً- غير ثابت وضئيل في معظم الأحيان.

لذلك، قد تكون الأزمة المالية العالمية 2007/2008 تسببت في اطلاق العديد من التدابير من قبل المصارف المركزية الرئيسية في العالم. ولا شك أن هذه السياسات حالت دون وقوع كارثة أسوأ بالرغم من أنها أوجدت بيئة محفوفة بالمخاطر لأسعار الفوائد. وقد تكون العودة الى الوراء، أي ما قبل 2007، وعِرَة.​
 
عودة
أعلى