بعد ثالث خسارة فصلية.. الأسهم السعودية إلى أين؟

jawad ali

عضو نشيط
المشاركات
1,505
الإقامة
Turkey
TxRApTf7Jl_1753613195.jpg

بين اضطرابات رسوم ترمب الجمركية، وتذبذب أسعار النفط ،واستمرار الفائدة المرتفعة، تراجعت معنويات مستثمري الأسهم السعودية في مواجهة خيارات استثمارية صعبة خلال الربع الثاني من العام، فهل يستمر هذا الاتجاه في الربع الثالث؟

مؤشر بورصة السعودية خسر 7.2% في الربع الثاني من 2025، مسجلاً ثالث خسارة فصلية على التوالي. وكانت القطاعات الرئيسية التي تتأثر بالعوامل الخارجية، مثل الطاقة المرتبطة بسعر النفط، والبنوك والخدمات المالية المرتبطة بأسعار الفائدة، هي الأكثر انخفاضاً بنسب تراوحت بين 7% و12%، رغم تحقيق البنوك أعلى أرباح فصلية مجمعة على الإطلاق.


أرباح البنوك السعودية خلال الربع الثاني من 2025 - الشرق
في المقابل، شهدت الأسهم الدفاعية المرتبطة بالنشاط الاقتصادي الداخلي إقبالاً من المستثمرين، مثل قطاعات السلع الرأسمالية والأدوية والتأمين.

تحدّي السيولة

يرى المحلل المالي يوسف يوسف أن انخفاض السيولة من أبرز التحديات التي تواجهها السوق، مع عزوف المستثمرين عن تكوين مراكز جديدة ترقباً للتطورات العالمية واكتمال نتائج الشركات عن الربع الثاني.

ويلاحظ يوسف، خلال مداخلة مع "الشرق"، وجود إقبال على أسهم الشركات الصغيرة والمتوسطة "نظراً لقلة الاستثمار الأولي المطلوب للدخول فيها، وذلك خشية أن يتكبد المستثمر خسائر أكبر عند الدخول في الأسهم القيادية".


لكنه لفت إلى أن الصناديق الكبيرة قد تسارع بدعم السيولة في السوق، إذا شعرت بتأثير كبير على محافظها الاستثمارية أو إذا بلغت الأسهم حداً شديد الجاذبية.

تشير بيانات "بلومبرغ إنتلجنس" إلى انخفاض المتوسط اليومي لقيمة التعاملات بنسبة تجاوزت 30% إلى 1.5 مليار دولار خلال الربع الثاني. هذه السيولة الضعيفة تؤدي لتضخيم أثر حركة الأسهم القيادية على المؤشر العام للسوق في كلا الاتجاهين.

في غضون ذلك، تسعى هيئة السوق المالية لتعزيز السيولة بإجراءات منها السماح للأجانب بتملك أسهم شركات العقار المطورة لمشاريع في مكة المكرمة والمدينة المنورة، بموازاة السماح لهم بتملك العقارات فعلياً بكافة مناطق المملكة وفق ضوابط، بالإضافة إلى إتاحة الفرصة للمقيمين في دول الخليج بالتداول المباشر في السوق.

كما تُعدُّ شهادات الإيداع السعودية (SDRs) من المبادرات التي قد تحفز نشاط التداول على المدى القصير، عبر إتاحة الفرصة للمستثمرين المحليين لتداول الأوراق المالية الأجنبية محلياً، لكن هذه الخطوات لم تؤتِ ثمارها بعد.

تقول ماري سالم، المحللة المالية لدى "الشرق"، إن الإجراءات المرتبطة بقطاع العقارات تحديداً لن يظهر أثرها لحين إعلان الشركات عن توسعات جديدة بناءً على الطلب من المستثمرين الأجانب. وكان القطاع ارتفع في بادئ الأمر عند صدور القرارات التنظيمية لكنه "عاد لطبيعته بعد دخول مستثمرين للأجل الطويل" بحسب ماري.

ضغوط تكلفة التمويل.. والنفط

تواجه السوق تحدياً آخر وهو استمرار الفائدة مرتفعة لفترة أطول، إذ تضاءلت التوقعات بأن يخفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة خلال العام الجاري من 3 مرات في بداية العام إلى مرة واحدة فحسب حالياً. ومن المقرر أن تعلن لجنة السياسة النقدية بالمركزي الأميركي قراراً بشأن الفائدة نهاية الشهر الجاري.

يقول محمد زيدان، المحلل المالي الأول لدى "الشرق"، إن "ارتفاع تكلفة التمويل المباشرة وغير المباشرة في السعودية بسبب انخفاض السيولة يزيد جاذبية الأصول ذات العوائد الثابتة مقارنة بأسواق الأسهم" وهو ما يشكل ضغطاً إضافياً على بورصة الرياض.

ويظل الاقتصاد السعودي معتمداً بدرجة كبيرة على عائدات النفط التي تُستخدم في تمويل الإنفاق العام وتحفيز القطاع الخاص. وبالتالي، فإن استمرار تراجع أسعار النفط قد يُضعف وتيرة الاستثمار ويحدُّ من نشاط التداول في السوق.

الربع الثالث.. إلى أين؟

عوّل كثير من المراقبين على نتائج الشركات للربع الثاني في دعم السوق. لكن إعلان البنوك وبعض الشركات الكبيرة الأخرى عن نتائج فصلية أفضل من المتوقع لم يُسعف السوق حتى الآن، وإن كانت سالم ترى أن الأداء الإجمالي للربع سيتوقف على الصورة الكاملة لنتائج الشركات والتي لم تتضح بعد.

من جانبه، يرى أشهر سليم، عضو مجلس إدارة جمعية "سي إف إيه" (CFA)، أن نتائج البنوك أظهرت نمو القروض بوتيرة أسرع من الودائع، ما يشير إلى أن البنوك السعودية قد تواجه مستقبلاً صعوبةً في توفير السيولة اللازمة للإقراض المتنامي.


تشهد المملكة طفرة في الطلب على التمويل بسبب المشاريع العملاقة المرتبطة برؤية 2030، وهو ما قد يفسر إقبال البنوك السعودية على إصدار السندات والصكوك لتدبير السيولة حيث تجاوزت الإصدارات 6 مليارات دولار منذ بداية العام حتى منتصف مايو.

أما على المدى البعيد، فإن برنامج الخصخصة ضمن "رؤية 2030" يُتوقع أن يكون المحرك الرئيس لنمو السيولة، إلى جانب تطوير بنية السوق المالية بشكل أكثر كفاءة، كما تشير "بلومبرغ إنتليجنس".

ويندرج في هذا الإطار خصخصة الأندية السعودية التي يُتوقع أن تدعم السوق بإدراجات جديدة خلال سنوات قليلة.

المستثثمر الذكي والانتقائية

يرى محمد زيدان أن السلوك السعري لمؤشر "تاسي" حالياً يوضح أن المعنويات السلبية لا تزال مسيطرة على آفاق السيولة الذكية في السوق، التي لا تزال يغلب عليها المستثمرون الأفراد والمضاربون.

وتوقع أن يسيطر الطابع المضاربي على شهية الأسواق في الوقت الراهن، بينما "لا يزال المستثمر الذكي يتبع استراتيجية انتقائية مستهدفاً أسهم وقطاعات النمو، والتي تتميز بشكل رئيسي بنمو معدل الإيرادات بوتيرة أعلى من معدل نمو إجمالي الناتج المحلي السعودي".

لكنه أضاف أن التوقعات لا تزال إيجابية "على المدى المتوسط والبعيد" موضحاً أن نحو نصف بيوت المال والخبرة يرجحون الشراء في "تاسي" خلال العام الجاري بمستهدفات سعرية للمؤشر تصل إلى 14789 نقطة، أي أعلى بنحو أربعة آلاف نقطة عن المستويات الحالية.

ومن الإشارات الإيجابية ارتفاع حصة المستثمرين الأجانب -غير الخليجيين- من إجمالي المشتريات إلى 35%، خلال الربع الثاني على أساس سنوي، ما يعكس نجاح جهود الحكومة في جذب رؤوس الأموال الأجنبية، والتي يؤمل أن تنعكس بشكلٍ أكبر على أحجام التداول.

ويبقى السؤال: إلى أين تتجه السوق المالية السعودية؟ يبدو أن الرهان الآن على سيولة مدفوعة من الصناديق القيادية بالسوق التي ستخشى على استثماراتها من ناحية، وستجد في الأسعار المنخفضة الجديدة مستويات مغرية للشراء من ناحية أخرى.
 
عودة
أعلى