إفتح حسابك مع شركة XM  برعاية عرب اف اكس
إفتح حسابك مع تيكيمل

لقاح كورونا: ما المانع في نشر سر تركيبته؟

mohammad-k

مسؤول العملاء في تركيا
طاقم الإدارة
المشاركات
19,947
الإقامة
تركيا

xm    xm

 

 

jjg.jpg

لا تزال ذكريات ما جرى أثناء انتشار فيروس نقص المناعة البشرية المكتسبة (ومرض الإيدز الناجم عنه)، حاضرةً لدى البروفسورة الجزائرية، مريم مراد، رغم مرور قرابة ثلاثين عاما عليها.
كانت الشابة مريم حينها طبيبة مقيمة في أحد مشافي باريس، فشاركت في علاج كثير من المرضى الذين أصيبوا بالعدوى، وتابعت تفاصيل النقاشات والمشكلات التي دارت في تلك الفترة عندما انتشر المرض في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا.
أحد تلك الأسئلة التي واجهتهم بعد التوصّل لإنتاج أدوية وعلاجات للمرض: هل يجب أن تتنازل الشركات عن حقوق ملكية الأدوية التي طوّرتها أم لا؟
وقتها قادت دولة جنوب أفريقيا معركة لمواجهة عمالقة صناعة الأدوية الغربيين لانتزاع حق الحصول على أدوية الإيدز باهظة الثمن التي ينتجونها، لعلاج الملايين من مواطنيها المصابين. وانتهت تلك المعركة القضائية بما وُصف وقتها بـ"هزيمة ساحقة" لعمالقة الأدوية.

لذلك لا تستغرب الباحثة ومديرة مختبر المناعة في مستشفى "ماونت سايناي" الأمريكي المطالب الموجّهة حاليا للشركات الكبرى المطوّرة للقاح المضاد لفيروس كورونا لتتنازل عن حقوق ملكية اللقاح.

وفي اتصال عبر تطبيق زوم مع بي بي سي عربي نيوز، قالت البروفسورة مريم: "الأمر مفزع. أشعر وكأن التاريخ يكرر نفسه. النقاش ذاته يتكرر. احتجنا عقدا كاملا حينها لنحصل على علاجات للإيدز. أعتقد أنه علينا التعلّم من التاريخ".
ولا تتفق الباحثة مع المطالب الحالية المشابهة بالتنازل عن حقوق ملكية اللقاح، وتقول: "علينا أن نتقبل الواقع الحالي: أنا أكاديمية؛ لا أعمل بهدف الربح. أؤمن بالمساواة في علاج الجميع. ولو أن الأمر عائد لي فلن آخذ قرشا واحدا من أي شخص. لكن هذه الفكرة مثاليّة. أدركتُ أن العالم لا يسير بهذه الطريقة".
لكن يبدو أن مجموعات حقوقيّة تعمل جاهدة للتأثير على كيفيّة سير العالم، ومن بينها منظمة العفو الدولية (أمنستي) التي أصدرت تقريرا اتهمت فيه الشركات الست الكبرى المطورة للقاح بالتسبب بانتهاك حقوق الإنسان، وطالبتها بتعليق العمل بحقوق الملكية الفكرية.
وهذه الشركات هي: مودرنا وفايزر وأسترازينيكا وجونسون أند جونسون ونوفافاكس، ولم يشمل التقرير اللقاحات المطوّرة من قبل شركات روسيّة وصينيّة بسبب "افتقار عملياتها إلى الشفافية"، وفقا لأمنستي.

"متقاعسون"

ما تطالب به منظمة أمنستي ليس جديدا.
ففي شهر مايو/أيار، أعلنت الولايات المتحدة دعمها خطوة منظمة التجارة العالمية الهادفة إلى رفع حماية حقوق براءات اختراع لقاحات فيروس كورونا، مؤقتا.
وكانت دولتا الهند وجنوب إفريقيا قد اقترحتا هذه الخطة بهدف زيادة إنتاج اللقاح في جميع أنحاء العالم، لكنهما واجهتا معارضة قوية من الإدارة الأمريكية السابقة لدونالد ترامب وبريطانيا والاتحاد الأوروبي - حتى جاء الرئيس، جو بايدن، واتخذ مسارا مختلفا، وأيد المقترح.
ووفقا لتقرير منظمة العفو الدوليّة، الصادر يوم 22 سبتمبر/أيلول فإن مطوري اللقاحات "يزعمون" احترام حقوق الإنسان لكنهم "تقاعسوا جميعا - بدرجات متفاوتة - عن الوفاء بالمسؤوليات المترتبة عليهم".
لذلك قالت أمنستي إن الشركات "تسببت أو أسهمت في التسبب بأضرار لحقوق الإنسان تعرض لها مليارات البشر" الذين لم يحصلوا على اللقاح ، كما تسببت بأضرار لحقوق الإنسان بسبب قراراتها "بعدم إشراك الآخرين في الملكية الفكرية والتكنولوجيا"، وأسهمت في "انتهاكات لحقيّ الحياة والصحة" بسبب "بيعها المتكرر لمعظم مخزونها النادر إلى الدول الغنية غالبا بأرباح ملموسة".
فركّزت مطالبتها على مطالبة شركات الأدوية بتعليق العمل بحقوق الملكية الفكرية وذلك من خلال إما إصدار تراخيص عالمية مفتوحة وغير حصرية، أو المشاركة في ُمجمع C-TAP، من أجل الوصول إلى طرح عادل وسريع للقاحات في الأسواق.
ومجمّع C-TAP جاء بمبادرة أطلقتها منظمة الصحة العالمية، اسمها بالعربيّة "تجمّع الوصول إلى التكنولوجيا" أو (Technology Access Pool) بالإنجليزية.
علما أن هناك مبادرات دولية مشابهة أشهرها كوفاكس.

إذاً، ما تريده المنظمة الحقوقية من الشركات هو مشاركة ما لديها من معارف وتكنولوجيا، وتدريب المصنعين المؤهلين الملتزمين بزيادة إنتاج لقاحات فيروس كوفيد-19، وعدم محاولة ممارسة نفوذها لدى الحكومات لعرقلة اتخاذ التدابير الهادفة إلى تسهيل إشراك الآخرين في الملكية الفكرية والتكنولوجيا، وعدم وضع مصالحها الاقتصادية قبل مسؤولياتها تجاه حقوق الإنسان.
إلى جانب مطالبتها هذا الشركات الست بإعطاء الأولوية لتوفير مزيد من اللقاحات في المناطق والدول الأقل ثراء من خلال المشاركة في المبادرات الدولية.

لكن، هل المشكلة الرئيسية هي حقوق الملكية؟

بعض الأصوات لا تعتقد ذلك.
فالاتحاد الدولي لصناعة الأدوية، مثلا، يرى أن المشاكل الحقيقية لا تتعلق ببراءة الاختراع بل بوجود حواجز جمركية، وصعوباتِ التوزيع، ونقصِ المواد الخام في بعض الدول، إلى جانب تخزين الدول الغنية للجرعات بدلا من تقاسمِها مع الدول النامية.
البروفسورة مريم مراد أيضا مع هذا الرأي، وتعتقد أن الوصول إلى حل ممكن من خلال مشاركة التكنولوجيا والمهارات وخبرات تصنيع اللقاح - دون التنازل عن حقوق ملكيتها.
وتقول: "على الناس أن تعرف أن تلك الجهود لم تكن بسيطة. هل نريد أن نقول لهذه الشركات كلما احتجناها إنه عليها التنازل عن حقوق الملكية؟ هذه ليست الطريقة التي يسير عليها العالم حاليا"، وتؤكد الباحثة أنها تريد أن تبقى هذه الشركات هي المسؤولية وأن تبقى خاضعة للمساءلة.
"إن حقوق الملكية طريق مسدود؛ لأن الشركات قد تتنازل عنها لكن دولا قليلة جدا ستكون قادرة على تصنيع اللقاح - هذا أولا.
وثانيا، التنازل عن حقوق الملكية يعني أننا سنضع كل الجهود على عاتق الحكومات ونحن نعرف طريقة عمل بعض هذه الحكومات".
تعبّر البروفسورة بوضوح عن تأييدها الكبير لرؤية رجل الأعمال الشهير، بيل غيتس، رئيس شركة مايكروسوفت الذي دخل عالم الصحة العامة واللقاحات، كما ارتبط اسمه بكثير من المؤامرات من قبيل أنه استغل الوباء وخطط لزرع رقاقات للتحكم بالبشر - وطبعا فنّدت كل هذه المزاعم.
ففي بودكاست من إنتاج نيويورك تايمز بعنوان " هل يمكن لبيل غيتس تطعيم العالم - Can Bill Gates Vaccinate the World?" نشر في مارس/آذار من هذا العام، تحدثت الصحفية الاستقصائية الأمريكية، ميغان توهي، عن الدور الذي لعبه غيتس من خلال عمله على إنشاء منظمة وسيطة تعمل كحلقة وصل أساسية بين شركات الأدوية وبين الدول النامية.
كما ذكر البودكاست كيف أن ثلاث منظمات كانت ركائز مبادرة كوفاكس؛ وهي (Gavi) منظمة اللقاحات العالمية غير الربحية التي ساعد غيتس في تأسيسها، إلى جانب منظمة عالمية أخرى غير ربحية تسمى (CEPI) والتي ساعد الرجل أيضا في تأسيسها، إضافة إلى منظمة الصحة العالمية التابعة لمنظمة الأمم المتحدة.
الحديث - طبعا - عن علاقة الرجل مع منظمة الصحة العالمية ودور مؤسسته معقّد جدا ويحتاج بحثا مطوّلا.
لكن يبدو أن التركيز الآن منصبّ على المهمّة الملقاة على عاتق "كوفاكس" وغيرها من المبادرات العالمية لتحقيق الهدف الذي وضع في يوليو/تموز لتطعيم 40 بالمئة من سكّان الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط.
في هذه الأثناء، يبقى نحو مئة يوم للوصول إلى موعد الإيفاء بهذا الاتفاق - كما تذكّرنا منظمة العفو الدوليّة.
 
عودة
أعلى