رضا البطاوى
عضو فعال
- المشاركات
- 2,912
- الإقامة
- مصر
هل يوجد نبى اسمه خالد بن سنان؟
من المسلم به طبقا للقرآن عدد الأنبياء وهم الرسل(ص) قبل ختم النبوة والرسالة كبير جدا لأن الله أرسل فى كل بلدة عاشت قبل خاتم النبيين (ص) رسولا
ومن تلك الآيات الدالة على ذلك :
"وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ"
وقال :
" وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا"
وقال:
" وإن من أمة إلا خلا فيها نذير"
تناول موضوع خالد بن سنان العديد من الكتاب فى عصرنا ومنهم:
نايف بن أحمد الحمد الذى كتب مقالا أخبرنا فيه انه أطلع على مقال لفهد بن عامر الأحمد في جريدة الرياض عدد ( 13775) في 12/2/1427هـ تحدث فيها عن خالد بن سنان وقرر من خلال عرضه أنه نبي عربي من نسل إسماعيل وذكر أن النبي -صلى الله عليه وسلم – قال عنه :
( ذاك نبي ضيعه قومه ) وذكر بعض معجزاته "
وذكر الحمد فى مقاله أن خالد بن سنان ذكر عند عدد من المؤرخين فقال :
"لاشك أن هذا القول الذي ذكره أخونا الكاتب قد ذكره بعض المؤرخين ولكن العبرة بثبوت هذا الخبر من عدمه وهل كان هناك نبي بين عيسى -عليه السلام -ونبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- حيث ذكر من ترجم لخالد بن سنان أنه بعث قبل مبعث النبي -صلى الله عليه وسلم- وأن النبي - صلى الله عليه وسلم – رأى ابنته وسأل عنه فقالوا قد مات فقال ( ذاك نبي ضيعه قومه )
ومن ذلك ما رواه ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رجلا من بني عبس يقال له خالد بن سنان قال لقومه :
أني أطفىء عنكم نار الحدثان قال : فقال له عمارة بن زياد -رجل من قومه - : والله ما قلت لنا يا خالد قط إلا حقا فما شأنك وشأن نار الحدثان تزعم أنك تطفئها ؟ قال :فانطلق وانطلق معه عمارة بن زياد في ثلاثين من قومه حتى أتوها وهي تخرج من شق جبل من حرة يقال لها حرة أشجع فخط لهم خالد خطة فأجلسهم فيها فقال : إن أبطأت عليكم فلا تدعوني باسمي فخرجت كأنها خيل شقر يتبع بعضها بعضا قال : فاستقبلها خالد فضربها بعصاه وهو يقول : بدا بدا بدا كل هدى زعم ابن راعية المعزى أني لا أخرج منها وثناي بيدي حتى دخل معها الشق قال : فأبطأ عليهم قال : فقال عمارة بن زياد : والله لو كان صاحبكم حيا لقد خرج إليكم بعد قالوا : ادعوه باسمه قال فقالوا : إنه قد نهانا أن ندعوه باسمه فدعوه باسمه قال : فخرج إليهم وقد أخذ برأسه فقال : ألم أنهكم أن تدعوني باسمي قد والله قتلتموني فادفنوني فإذا مرت بكم الحمر فيها حمار أبتر فانتبشوني فإنكم ستجدوني حيا قال : فدفنوه فمرت بهم الحمر فيها حمار أبتر فقلنا : انبشوه فإنه أمرنا أن ننبشه قال عمارة بن زياد : لا تحدث مضر إنا ننبش موتانا والله لا ننبشه أبدا قال : وقد كان أخبرهم إن في عكن امرأته لوحين فإذا أشكل عليكم أمر فانظروا فيهما فإنكم سترون ما تسألون عنه وقال : لا يمسهما حائض قال : فلما رجعوا إلى امرأته سألوها عنهما فأخرجتهما وهي حائض
قال : فذهب بما كان فيهما من علم قال فقال أبو يونس قال سماك بن حرب سأل عنه النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال : ( ذاك نبي أضاعه قومه )
وقال أبو يونس قال سماك بن حرب أن ابن خالد بن سنان أتى النبي -صلى الله عليه وسلم - فقال : (مرحبا بابن أخي ) رواه الحاكم 2/ 655 و الطبراني في المعجم الكبير (11793) وقال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه فإن أبا يونس هو الذي روى عن عكرمة هو حاتم بن أبي صغيرة وقد احتجا جميعا به واحتج البخاري بجميع ما يصح عن عكرمة
وقد تعقب العلماء الحاكم ولم يرتضوا قوله وردوا تصحيحه فقال الذهبي : " منكر " اهـ وقال الحافظ ابن حجر : قلت لكن معلى بن مهدي ضعفه أبو حاتم الرازي اهـ الإصابة 2/371 وقال الهيثمي : " رواه الطبراني موقوفا وفيه المعلى بن مهدي ضعفه أبو حاتم قال : يأتي أحيانا بالمناكير قلت : وهذا منها " اهـ مجمع الزوائد 8/213
وعن ابن عباس - رضي الله عنهما -قال : جاءت بنت خالد بن سنان إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فبسط لها ثوبه وقال : ( بنت نبي ضيعه قومه ) رواه الطبراني في المعجم الكبير ( 12250) وابن عدي في الكامل 6/46 والأصبهاني في التاريخ 2/149 قال ابن عدي : " وهذا الحديث لم يوصله فقال فيه عن ابن عباس غير قيس بن الربيع " اهـ وقال الذهبي : " قلت لا يصح هذا " اهـ ميزان الاعتدال 8/222 وقال الحافظ ابن حجر : " وقيس ضعيف من قبل حفظه " اهـ الإصابة 2/373
وقد رواه ابن شبة في أخبار المدينة (786) بإسناد مرسل وقال الهيثمي : " وفيه قيس بن الربيع وقد وثقه شعبة والثوري ولكن ضعفه أحمد مع ورعه وابن معين قال البزار رواه الثوري عن سالم بن سعيد بن جبير مرسلا اهـ المجمع 8/314 وأنظر : فتح الباري 13/79 وفيض القدير 3/47وقد ذكر ابن شبة آثارا في أخبار المدينة 1/235 لا تخلو من مقال
كما أن هذه الآثار لا تصح رواية فكذلك لا تصح دراية :
أولا : قال تعالى [وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين] {الصف:6}
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه –قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: ( أنا أولى الناس بعيسى الأنبياء أبناء علات وليس بيني وبين عيسى نبي ) رواه مسلم ( 2365) قال ابن كثير: " وهذا فيه رد على من زعم أنه بعث بعد عيسى نبي يقال له خالد بن سنان كما حكاه القضاعي وغيره " ا تفسير ابن كثير 2/ 36
وقال السيوطي - : " هذا يبطل قول من قال إنه بعث بعد عيسى في زمن الفترة نبي أو نبيان أو ثلاثة ولم يرد في ذلك حديث يعتمد عليه وهذا الذي في مسلم نص قاطع للنزاع " اهـ الديباج على مسلم 5/349
ثانيا : قال الحاكم بعد روايته " قد سمعت أبا الأصبع عبد الملك بن نصر وغيره يذكرون أن بينهم وبين القيروان بحرا في وسط جبل لا يصعده أحد وإن طريقها في البحر على الجبل وإنهم رأوا في أعلى الجبل في غار هناك رجلا عليه صوف أبيض وهو مختب في صوف أبيض ورأسه على يديه كأنه نائم لم يتغير منه شيء وإن جماعة أهل تلك الناحية يشهدون أنه خالد بن سنان " اهـ قال الحافظ ابن حجر متعقبا الحاكم : " قلت وشهادة أهل تلك الناحية بذلك مردودة فأين بلاد بني عبس من جبال المغرب " اهـ الإصابة 2/373
وفي الجملة لا يصح شيء من الأحاديث الوارد فيها ذكر خالد بن سنان والصحيح المقطوع به أنه لا نبي بين عيسى ومحمد – صلى الله عليهما وسلم – وقد ذكر ابن كثير عددا ممن قيل أنه نبي ومنهم خالد بن سنان فقال : " والظاهر أن هؤلاء كانوا قوما صالحين يدعون إلى الخير " اهـ فيض القدير 3/47 والله تعالى أعلم "
هذا هو مقال الحمد وهو مقال ينفى صحة الأحاديث الواردة فى أمر خالد بن سنان ومجموعها يدل على :
القرب الزمانى بين خاتم النبيين(ص)وبين خالد حيث رأى ابنه او ابنته وهو ما يعنى أن بينهما عدة عقود قليلة وهو كلام يناقض أن خاتم النبيين(ص) بينه وبين الرسول قبله فترة ضلت فيها البشرية عن دين الله الذى أتى به الرسول الأخير قبله وهى فترة لا تقل عن عدة قرون
ويبدو أن هذا الرسول قبله وهو قد لا يكون عيسى(ص) من الكتابيين لأن الله ذكر اليهود والنصارى وكتابى التوراة والإنجيل كما فى قوله تعالى :
" وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ"
فهذه الآيات تدل على أن اليهود والنصارى كانوا هم أصحاب الرسل الأخيرين ولا يمكن أن يكون موسى(ص) وعيسى (ص) هم أخرهم لأن بين موسى (ص) وعيسى(ص) عشرات الرسل مثل داود (ص) وسليمان (ص) وأيوب(ص) وزكريا(ص) ويحيى (ص)
والاستدلال ببشارة عيسى (ص) على خاتم النبيين(ص) بعده من قبل الحمد على كونه أخر الرسل استدلال خاطىء لأن الآية تتحدث عن رسول وليس عن أخر الرسل وهى :
" ومبشرا برسول يأتى من بعدى اسمه أحمد "
والخاتم هو محمد (ص) فى القرآن ولا يوجد دليل من القرآن على كون أحمد (ص) هو محمد(ص) فإنما هو كلام الروايات الكاذبة
كما أن التبشير بخاتم الرسل وهو خاتم الأنبياء كان فى كل رسالة وليس فى رسالة عيسى (ص) وحده كما قال تعالى :
"وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ"
والتبشير برسل غير محمد(ص) كان موجود فى رسالات الرسل(ص) كما فى تبشير زكريا (ص)بيحيى(ص)هو وأمته كما قال تعالى :
"فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ"
وبشر إبراهيم(ص) باٍسحاق (ص) نبيا فقال :
"سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ (109) كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (110) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (111) وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ"
إذا ليس شرطا أن يكون أحمد (ص) هو نفسه محمد (ص) لأن الله ذكره فى التوراة والإنجيل فقال عنه محمد (ص) فقال :
"مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ"
والحديث الذى يقول أن من أسماء محمد (ص) أحمد هو حديث مناقض للقرآن وهو:
3532 - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَعْنٌ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لِي خَمْسَةُ أَسْمَاءٍ: أَنَا مُحَمَّدٌ، وَأَحْمَدُ وَأَنَا المَاحِي الَّذِي يَمْحُو اللَّهُ بِي الكُفْرَ، وَأَنَا الحَاشِرُ الَّذِي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمِي، وَأَنَا العَاقِبُ "رواه البخارى ومسلم والترمذى
والخطأ الأول أن خاتم النبيين (ص)هو ماحى الكفر وهو يخالف وجود الكفار فى عهد النبى (ص)وفيما بعده فإذا كانوا موجودين فكيف تم محوهم ؟
والخطأ الأخر هو أن خاتم النبيين (ص)يحشر الناس على قدمه بمعنى أنه أول من يبعث ويخالف هذا كون الكل يحشرون جميعا مرة واحدة مصداق لقوله بسورة النازعات "فإنما هى زجرة واحدة فإذا هم بالساهرة ".
ولا وجود لنبى قبل محمد(ص) بما يقل عن قرون اسمه خالد بن سنان فلو كان غير مذكور فى القرآن فلن يذكر فى كلام النبى(ص) كما قال تعالى :
" وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ "
فالرسول (ص) لا يعلم الغيب ولن يذكر أحد لم يذكره الله فى الوحى
من المسلم به طبقا للقرآن عدد الأنبياء وهم الرسل(ص) قبل ختم النبوة والرسالة كبير جدا لأن الله أرسل فى كل بلدة عاشت قبل خاتم النبيين (ص) رسولا
ومن تلك الآيات الدالة على ذلك :
"وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ"
وقال :
" وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا"
وقال:
" وإن من أمة إلا خلا فيها نذير"
تناول موضوع خالد بن سنان العديد من الكتاب فى عصرنا ومنهم:
نايف بن أحمد الحمد الذى كتب مقالا أخبرنا فيه انه أطلع على مقال لفهد بن عامر الأحمد في جريدة الرياض عدد ( 13775) في 12/2/1427هـ تحدث فيها عن خالد بن سنان وقرر من خلال عرضه أنه نبي عربي من نسل إسماعيل وذكر أن النبي -صلى الله عليه وسلم – قال عنه :
( ذاك نبي ضيعه قومه ) وذكر بعض معجزاته "
وذكر الحمد فى مقاله أن خالد بن سنان ذكر عند عدد من المؤرخين فقال :
"لاشك أن هذا القول الذي ذكره أخونا الكاتب قد ذكره بعض المؤرخين ولكن العبرة بثبوت هذا الخبر من عدمه وهل كان هناك نبي بين عيسى -عليه السلام -ونبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- حيث ذكر من ترجم لخالد بن سنان أنه بعث قبل مبعث النبي -صلى الله عليه وسلم- وأن النبي - صلى الله عليه وسلم – رأى ابنته وسأل عنه فقالوا قد مات فقال ( ذاك نبي ضيعه قومه )
ومن ذلك ما رواه ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رجلا من بني عبس يقال له خالد بن سنان قال لقومه :
أني أطفىء عنكم نار الحدثان قال : فقال له عمارة بن زياد -رجل من قومه - : والله ما قلت لنا يا خالد قط إلا حقا فما شأنك وشأن نار الحدثان تزعم أنك تطفئها ؟ قال :فانطلق وانطلق معه عمارة بن زياد في ثلاثين من قومه حتى أتوها وهي تخرج من شق جبل من حرة يقال لها حرة أشجع فخط لهم خالد خطة فأجلسهم فيها فقال : إن أبطأت عليكم فلا تدعوني باسمي فخرجت كأنها خيل شقر يتبع بعضها بعضا قال : فاستقبلها خالد فضربها بعصاه وهو يقول : بدا بدا بدا كل هدى زعم ابن راعية المعزى أني لا أخرج منها وثناي بيدي حتى دخل معها الشق قال : فأبطأ عليهم قال : فقال عمارة بن زياد : والله لو كان صاحبكم حيا لقد خرج إليكم بعد قالوا : ادعوه باسمه قال فقالوا : إنه قد نهانا أن ندعوه باسمه فدعوه باسمه قال : فخرج إليهم وقد أخذ برأسه فقال : ألم أنهكم أن تدعوني باسمي قد والله قتلتموني فادفنوني فإذا مرت بكم الحمر فيها حمار أبتر فانتبشوني فإنكم ستجدوني حيا قال : فدفنوه فمرت بهم الحمر فيها حمار أبتر فقلنا : انبشوه فإنه أمرنا أن ننبشه قال عمارة بن زياد : لا تحدث مضر إنا ننبش موتانا والله لا ننبشه أبدا قال : وقد كان أخبرهم إن في عكن امرأته لوحين فإذا أشكل عليكم أمر فانظروا فيهما فإنكم سترون ما تسألون عنه وقال : لا يمسهما حائض قال : فلما رجعوا إلى امرأته سألوها عنهما فأخرجتهما وهي حائض
قال : فذهب بما كان فيهما من علم قال فقال أبو يونس قال سماك بن حرب سأل عنه النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال : ( ذاك نبي أضاعه قومه )
وقال أبو يونس قال سماك بن حرب أن ابن خالد بن سنان أتى النبي -صلى الله عليه وسلم - فقال : (مرحبا بابن أخي ) رواه الحاكم 2/ 655 و الطبراني في المعجم الكبير (11793) وقال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه فإن أبا يونس هو الذي روى عن عكرمة هو حاتم بن أبي صغيرة وقد احتجا جميعا به واحتج البخاري بجميع ما يصح عن عكرمة
وقد تعقب العلماء الحاكم ولم يرتضوا قوله وردوا تصحيحه فقال الذهبي : " منكر " اهـ وقال الحافظ ابن حجر : قلت لكن معلى بن مهدي ضعفه أبو حاتم الرازي اهـ الإصابة 2/371 وقال الهيثمي : " رواه الطبراني موقوفا وفيه المعلى بن مهدي ضعفه أبو حاتم قال : يأتي أحيانا بالمناكير قلت : وهذا منها " اهـ مجمع الزوائد 8/213
وعن ابن عباس - رضي الله عنهما -قال : جاءت بنت خالد بن سنان إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فبسط لها ثوبه وقال : ( بنت نبي ضيعه قومه ) رواه الطبراني في المعجم الكبير ( 12250) وابن عدي في الكامل 6/46 والأصبهاني في التاريخ 2/149 قال ابن عدي : " وهذا الحديث لم يوصله فقال فيه عن ابن عباس غير قيس بن الربيع " اهـ وقال الذهبي : " قلت لا يصح هذا " اهـ ميزان الاعتدال 8/222 وقال الحافظ ابن حجر : " وقيس ضعيف من قبل حفظه " اهـ الإصابة 2/373
وقد رواه ابن شبة في أخبار المدينة (786) بإسناد مرسل وقال الهيثمي : " وفيه قيس بن الربيع وقد وثقه شعبة والثوري ولكن ضعفه أحمد مع ورعه وابن معين قال البزار رواه الثوري عن سالم بن سعيد بن جبير مرسلا اهـ المجمع 8/314 وأنظر : فتح الباري 13/79 وفيض القدير 3/47وقد ذكر ابن شبة آثارا في أخبار المدينة 1/235 لا تخلو من مقال
كما أن هذه الآثار لا تصح رواية فكذلك لا تصح دراية :
أولا : قال تعالى [وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين] {الصف:6}
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه –قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: ( أنا أولى الناس بعيسى الأنبياء أبناء علات وليس بيني وبين عيسى نبي ) رواه مسلم ( 2365) قال ابن كثير: " وهذا فيه رد على من زعم أنه بعث بعد عيسى نبي يقال له خالد بن سنان كما حكاه القضاعي وغيره " ا تفسير ابن كثير 2/ 36
وقال السيوطي - : " هذا يبطل قول من قال إنه بعث بعد عيسى في زمن الفترة نبي أو نبيان أو ثلاثة ولم يرد في ذلك حديث يعتمد عليه وهذا الذي في مسلم نص قاطع للنزاع " اهـ الديباج على مسلم 5/349
ثانيا : قال الحاكم بعد روايته " قد سمعت أبا الأصبع عبد الملك بن نصر وغيره يذكرون أن بينهم وبين القيروان بحرا في وسط جبل لا يصعده أحد وإن طريقها في البحر على الجبل وإنهم رأوا في أعلى الجبل في غار هناك رجلا عليه صوف أبيض وهو مختب في صوف أبيض ورأسه على يديه كأنه نائم لم يتغير منه شيء وإن جماعة أهل تلك الناحية يشهدون أنه خالد بن سنان " اهـ قال الحافظ ابن حجر متعقبا الحاكم : " قلت وشهادة أهل تلك الناحية بذلك مردودة فأين بلاد بني عبس من جبال المغرب " اهـ الإصابة 2/373
وفي الجملة لا يصح شيء من الأحاديث الوارد فيها ذكر خالد بن سنان والصحيح المقطوع به أنه لا نبي بين عيسى ومحمد – صلى الله عليهما وسلم – وقد ذكر ابن كثير عددا ممن قيل أنه نبي ومنهم خالد بن سنان فقال : " والظاهر أن هؤلاء كانوا قوما صالحين يدعون إلى الخير " اهـ فيض القدير 3/47 والله تعالى أعلم "
هذا هو مقال الحمد وهو مقال ينفى صحة الأحاديث الواردة فى أمر خالد بن سنان ومجموعها يدل على :
القرب الزمانى بين خاتم النبيين(ص)وبين خالد حيث رأى ابنه او ابنته وهو ما يعنى أن بينهما عدة عقود قليلة وهو كلام يناقض أن خاتم النبيين(ص) بينه وبين الرسول قبله فترة ضلت فيها البشرية عن دين الله الذى أتى به الرسول الأخير قبله وهى فترة لا تقل عن عدة قرون
ويبدو أن هذا الرسول قبله وهو قد لا يكون عيسى(ص) من الكتابيين لأن الله ذكر اليهود والنصارى وكتابى التوراة والإنجيل كما فى قوله تعالى :
" وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ"
فهذه الآيات تدل على أن اليهود والنصارى كانوا هم أصحاب الرسل الأخيرين ولا يمكن أن يكون موسى(ص) وعيسى (ص) هم أخرهم لأن بين موسى (ص) وعيسى(ص) عشرات الرسل مثل داود (ص) وسليمان (ص) وأيوب(ص) وزكريا(ص) ويحيى (ص)
والاستدلال ببشارة عيسى (ص) على خاتم النبيين(ص) بعده من قبل الحمد على كونه أخر الرسل استدلال خاطىء لأن الآية تتحدث عن رسول وليس عن أخر الرسل وهى :
" ومبشرا برسول يأتى من بعدى اسمه أحمد "
والخاتم هو محمد (ص) فى القرآن ولا يوجد دليل من القرآن على كون أحمد (ص) هو محمد(ص) فإنما هو كلام الروايات الكاذبة
كما أن التبشير بخاتم الرسل وهو خاتم الأنبياء كان فى كل رسالة وليس فى رسالة عيسى (ص) وحده كما قال تعالى :
"وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ"
والتبشير برسل غير محمد(ص) كان موجود فى رسالات الرسل(ص) كما فى تبشير زكريا (ص)بيحيى(ص)هو وأمته كما قال تعالى :
"فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ"
وبشر إبراهيم(ص) باٍسحاق (ص) نبيا فقال :
"سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ (109) كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (110) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (111) وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ"
إذا ليس شرطا أن يكون أحمد (ص) هو نفسه محمد (ص) لأن الله ذكره فى التوراة والإنجيل فقال عنه محمد (ص) فقال :
"مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ"
والحديث الذى يقول أن من أسماء محمد (ص) أحمد هو حديث مناقض للقرآن وهو:
3532 - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَعْنٌ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لِي خَمْسَةُ أَسْمَاءٍ: أَنَا مُحَمَّدٌ، وَأَحْمَدُ وَأَنَا المَاحِي الَّذِي يَمْحُو اللَّهُ بِي الكُفْرَ، وَأَنَا الحَاشِرُ الَّذِي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمِي، وَأَنَا العَاقِبُ "رواه البخارى ومسلم والترمذى
والخطأ الأول أن خاتم النبيين (ص)هو ماحى الكفر وهو يخالف وجود الكفار فى عهد النبى (ص)وفيما بعده فإذا كانوا موجودين فكيف تم محوهم ؟
والخطأ الأخر هو أن خاتم النبيين (ص)يحشر الناس على قدمه بمعنى أنه أول من يبعث ويخالف هذا كون الكل يحشرون جميعا مرة واحدة مصداق لقوله بسورة النازعات "فإنما هى زجرة واحدة فإذا هم بالساهرة ".
ولا وجود لنبى قبل محمد(ص) بما يقل عن قرون اسمه خالد بن سنان فلو كان غير مذكور فى القرآن فلن يذكر فى كلام النبى(ص) كما قال تعالى :
" وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ "
فالرسول (ص) لا يعلم الغيب ولن يذكر أحد لم يذكره الله فى الوحى