
ما الذي يميز برنت؟ ولماذا لا تغلق الآبار مؤقتًا؟
مشكلة التخزين الواضحة التي يعاني منها حاليًا الخام الأمريكي "نايمكس" أحد أسبابها الرئيسية هو أن أغلب الإنتاج الأمريكي من الخام يتركز
في البر أو في أماكن غير ساحلية وهو ما يحول دون استفادته من مزايا التخزين العائم. يتركز إنتاج الخام الأمريكي في مناطق يفصلها عن الماء نحو 500 ميل.
في تداولات أمس، ورغم تراجعه بنحو 9% بدا خام "برنت" متماسكًا إلى حد كبير بالمقارنة مع الخام الأمريكي،
وذلك قبل أن ينهي الجلسة عند 25.57 دولار للبرميل. ما السبب؟ على عكس الخام الأمريكي لا يجد خام برنت مشكلة في الوصول إلى خزانات النفط العائمة
وذلك لأنه يتم تسعيره في جزيرة ببحر الشمال، ولذلك كان أقل تأثرًا بالمخاوف المتعلقة بالتخزين.
والجدير بالذكر هو أن النفط المستخرج من أوروبا وإفريقيا والشرق الأوسط بما في ذلك منطقة الخليج العربي يتم تسعيره استنادًا إلى سعر خام "برنت"
بالإضافة لخامات محلية مثل خامي دبي وعمان.
السؤال المنطقي الذي ربما قفز إلى أذهان البعض في ظل الانهيار الحالي للأسعار هو:
لماذا لا تغلق الشركات آبار النفط مؤقتًا وتحتفظ بنفطها في باطن الأرض إلى حين ارتداد الأسعار إلى مستويات معقولة؟
ببساطة هذا عمليًا غير ممكن، لأنه يعرض الآبار لخطر التلف، وهو ما يعني هدر الاحتياطيات المتبقية داخل البئر فضلًا عن تكاليف تطويره.
ولذلك يفضل المنتجون الاستمرار في تشغيل البئر ولو بخسارة إلى أن ترتد الأسعار.
وهذا ما يفسر رفض المديرين التنفيذيين لشركات النفط الأمريكية اقتراح "ترامب" عليهم مؤخرًا بأن يحتفظوا بإنتاجهم في باطن الأرض
بموجب خطة تضمن لهم خلالها الإدارة الأمريكية تصنيف هذا النفط كجزء من الاحتياطيات الاستراتيجية للولايات المتحدة.
ببساطة، بالنسبة للمنتجين تشغيل الآبار وبيع النفط بخسارة أقل تكلفة على المدى الطويل من إغلاقها.
أخيرًا، إذا كان هناك جانب واحد مشرق للوضع الحالي فهو أننا رغم كل شيء نعايش أحداثًا تاريخية ربما لن تكرر،
توفر لنا مادة خصبة لقصص وحكايات قد يمهلنا العمر لنرويها لأبنائنا وربما لأحفادنا.
"هل هبط فعلًا سعر النفط يومًا ما إلى ما دون الصفر؟" هكذا سيتساءلون وعلامات التعجب والاستغراب ترتسم على وجوههم.