رضا البطاوى
عضو فعال
- المشاركات
- 3,032
- الإقامة
- مصر
التراب فى الإسلام
التراب فى القرآن:
خلق الإنسان من التراب:
خاطب الله الناس وهم الخلق مبينا لهم إنهم إن كانوا فى ريب من البعث والمراد إن كانوا فى تكذيب للقيام بعد الموت فإنه قد خلقهم من تراب والمراد أنشأهم من طين مصداق لقوله بسورة الأنعام"خلقكم من طين "والتراب هو الصعيد الذى تحول إلى طعام أكله الناس فتحول إلى نطفة أى جزء من المنى فى أجسامهم ولما استقر منى الرجل مع منى المرأة فى رحمها تحولا إلى علقة أى قطعة من المنى الملتف حول نفسه مرفوعة فى وسط الرحم وبعد ذلك تحولت القطعة المرفوعة إلى مضغة مخلقة وغير مخلقة والمراد إلى لحم متغير وغير متغير فاللحم المتغير هو الذى يتحول بعد إلى ذلك لعظام يغطيها اللحم غير المتغير مصداق لقوله بسورة المؤمنون"فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما "وهذه الحقائق ليبين أى ليظهر الله للناس قدرته على البعث ،وبعد ذلك يقر الله فى الأرحام ما يشاء إلى أجل مسمى والمراد يخلق الله فى البطون الذى يريد سواء ذكر أو أنثى إلى موعد معلوم له وحده ،وبين الله للناس أنه من بعد مراحل الخلق السابقة يخرجهم طفلا والمراد يخلقهم وليدا والمراد يخلق كل واحد منهم مولودا يعيش ليبلغوا أشدهم أى ليصلوا قوتهم والمراد ليصلوا لسن الشباب ومنهم من يتوفى أى يموت قبل وصوله لسن القوة ومنهم من يرد إلى أرذل العمر أى ومنهم من يعود إلى أسوأ الحياة وهذا يعنى أن منهم من يصل لأسوأ مراحل الشيخوخة وفيها لا يعلم من بعد علم شيئا أى وفيها لا يعرف من بعد معرفة أمرا وهذا يعنى أنه يصاب بالنسيان التام لكل شىء وفى المعنى قال تعالى:
"يا أيها الناس إن كنتم فى ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر فى الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى ثم نخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا لا يعلم بعد علم شيئا "
وبين الله للناس أن من آياته وهى البراهين الدالة على وجوب عبادته وحده أنه خلق الناس من تراب أى فتات من الط\طين مصداق لقوله بسورة الأنعام"هو الذى خلقكم من طين "فإذا أنتم بشر تنتشرون والمراد فإذا أنتم ناس تخرجون للحياة وفى المعنى قال تعالى:
"ومن آياته أن خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشر تنتشرون "
وبين الله للناس أن الله خلقهم من تراب والمراد أن الرب أبدعهم من طين مصداق لقوله بسورة الأنعام"هو الذى خلقكم من طين"ثم من نطفة أى جزء يسير من المنى ثم جعلكم أزواجا أى ثم خلقكم أفرادا أى ناسا
وفى المعنى قال تعالى:
"والله خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم جعلكم أزواجا "
وبين الله للناس على لسان النبى(ص) أنه هو الذى خلقهم أى أبدعهم من تراب مبلل وهو الطين مصداق لقوله بسورة الأنعام "هو الذى خلقكم من طين "وهذا الطين تحول لطعام أكله الأبوان فتحول إلى نطفة أى جزء يسير من المنى الذى يفرز عند الجماع ثم تحول الجزء اليسير وهو الحيوان المنوى والبويضة كما يسمونهم الآن إلى علقة أى قطعة لحم كاللحم الممضوغ وبعد ذلك يخرجكم طفلا أى يخلقكم وليدا ينمو ثم لتبلغوا أشدكم والمراد ثم لتصلوا قوتكم وهو شبابكم ثم لتكونوا شيوخا أى ثم لتصبحوا بعد ذلك عجائز ومنكم من يتوفى أى يموت من قبل فى أى مرحلة من المراحل السابقة وبعد ذلك لتبلغوا أجلا مسمى أى لتعيشوا عمرا محددا تموتون بعده والسبب فى خلقكم هو أن تعقلوا أى تطيعوا حكم الله وفى المعنى قال تعالى:
"هو الذى خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم يخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ثم لتكونوا شيوخا ومنكم من يتوفى ولتبلغوا أجلا مسمى ولعلكم تعقلون "
الماء الدافق يخرج من بين الصلب والترائب :
وطلب الله من الإنسان وهو الفرد أن ينظر مما خلق والمراد أن يعرف من أى شىء أنشأه الله،ويعرفه الله المطلوب فيقول خلق من ماء دافق أى أنشأ من ماء مدفوع أى مهين مصداق لقوله بسورة المرسلات"ألم نخلقكم من ماء مهين "وهذا الماء يخرج من بين الصلب أى وسط الصلب وهو نفسه الترائب لأنه قال بسورة النساء"وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم "فهنا مخلوق من الأصلاب وحدها وهذا يعنى أن المصدر واحد فقط وهو ثقب القضيب وثقب المهبل الذى يتدفق منهما الماء المهين عند الجماع وسمى العضو بالصلب لأن القضيب والمهبل يكونان فى حالة ليونة عادة وعند الجماع يتضخمان ويصبحان فى حالة صلابة والصلابة تعنى أنهما جامدان وليس لينان وبين للنبى (ص) أنه على رجعه لقادر والمراد أنه على إحيائه لفاعل مصداق لقوله بسورة القيامة "أليس بقادر على أن يحيى الموتى "يوم تبلى السرائر والمراد يوم تكشف الخفايا وهى الأعمال وبين له أن الكافر ليس له قوة أى عزة تحميه وليس له ناصر أى حامى من عذاب الله وفى المعنى قال تعالى:
فلينظر الإنسان مما خلق خلق من ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب إنه على رجعه لقادر يوم تبلى السرائر فما له من قوة ولا ناصر "
إنكار الخلق الجديد من تراب :
خاطب الله ق وهو نبيه (ص)مقسما بالقرآن المجيد والمراد والكتاب العظيم أن الناس عجبوا أن جاءهم منذر منهم والمراد أن الناس استغربوا أن أتاهم مبلغ أى مخبر منهم فقال الكافرون وهم المكذبون بحكم الله :هذا شىء عجيب والمراد هذا أمر غريب وهو إأذا متنا أى توفينا وكنا ترابا أى وأصبحنا فتاتا ذلك رجع بعيد أى البعث عود مستحيل وهذا يعنى أنهم يستغربون من البعث ويظنونه أمرا مستحيلا وفى المعنى قال تعالى:
"ق والقرآن المجيد بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم فقال الكافرون هذا شىء عجيب إأذا متنا وكنا ترابا ذلك رجع بعيد "
وبين الله لنبيه (ص)أن أهل الشمال كانوا يقولون فى الدنيا :أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون أو آباؤنا الأولون والمراد هل إذا هلكنا وكنا غبارا وعظاما مفتتة هل إنا عائدون للحياة مرة أخرى أو آباؤنا السابقون؟وهذا يعنى أنهم يكذبون بالبعث ،وطلب الله من نبيه (ص) أن يقول للكفار:إن الأولين وهم السابقين فى الزمن والأخرين وهم المتأخرين فى الزمن لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم والمراد لمبعوثون فى موعد يوم معروف لله وحده وفى المعنى قال تعالى:
"وكانوا يقولون أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون أو آباؤنا الأولون قل إن الأولين والأخرين لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم "
وبين الله لنبيه (ص)أن الكفار قالوا أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما والمراد هل إذا توفينا وكنا فتاتا وعظاما أو آباؤنا الأولون وهم السابقون ؟والغرض من السؤال هو إخبارنا تكذيبهم بالبعث ويطلب الله من نبيه (ص)أن يجيب على سؤالهم نعم وأنتم داخرون أى مبعوثون أى راجعون للحياة ويقول الله له فإنما هى زجرة واحدة أى نفخة واحدة أى "إن كانت إلا صيحة واحدة "كما قال بسورة يس فإذا هم ينظرون أى يخرجون أحياء وقالوا يا ويلنا أى يا عذابنا هذا يوم الدين والمراد هذا يوم الحساب أى البعث مصداق لقوله بسورة الروم"هذا يوم البعث أى"إن هذا يوم الفصل أى الحكم بالجنة أو النار الذى كنتم به تكذبون أى الذى كنتم به تكفرون فى الدنيا وفى المعنى قال تعالى:
"أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون أو أباؤنا الأولون قل نعم وأنتم داخرون فإنما هى زجرة واحدة فإذا هم ينظرون "
وبين الله الذين كفروا أى كذبوا حكم الله قالوا :أإذا كنا ترابا وآباؤنا أإنا لمخرجون والمراد هل إذا كنا فتاتا وآباؤنا هل إنا مبعوثون للحياة مرة أخرى مصداق لقوله بسورة المؤمنون "أإنا لمبعوثون"لقد وعدنا أى أخبرنا هذا نحن وآباؤنا من قبل إن هذا إلا أساطير الأولين أى تخاريف السابقين والمراد أكاذيب السابقين وفى المعنى قال تعالى:
"وقال الذين كفروا أإذا كنا ترابا وأباؤنا أإنا لمخرجون لقد وعدنا هذا نحن وآباؤنا من قبل إن هذا إلا أساطير الأولين "
وبين الله لنبيه (ص)أن الكفار قالوا مثل ما قال الأولون والمراد تحدثوا بشبه ما تحدث الكفار السابقون حيث قالوا أإذا متنا أى هلكنا وكنا ترابا أى رفاتا أى فتاتا وعظاما مصداق لقوله بسورة الإسراء "أإذا كنا عظاما ورفاتا "أإنا لمبعوثون أى لعائدون للحياة أى مخرجون مصداق لقوله بسورة النمل "أإذا كنا ترابا وآباؤنا أإنا لمخرجون "لقد وعدنا أى أخبرنا نحن وآباؤنا هذا من قبل – وهذا يعنى أن الرسل السابقين أخبروا آبائهم بنفس القول- إن هذا إلا أساطير الأولين وهى خلق أى أكاذيب السابقين مصداق لقوله بسورة الشعراء"إن هذا إلا خلق الأولين "وهذا يعنى أنهم يكذبون بالبعث ويعتبرونه كذب وفى المعنى قال تعالى:
"بل قالوا مثل ما قال الأولون قالوا أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون لقد وعدنا نحن وآباؤنا هذا من قبل إن هذا إلا أساطير الأولين "وبين الله للنبى(ص) أن السادة سألوا الضعاف :أيعدكم أنكم إذا متم والمراد هل يخبركم أنكم إذا توفيتم وكنتم ترابا وعظاما أى رفاتا وفتاتا مصداق لقوله بسورة الإسراء "أإذا كنا عظاما ورفاتا "أنكم مخرجون أى أنكم مبعوثون للحياة مصداق لقوله بسورة الإسراء "أإنا لمبعوثون "هيهات هيهات والمراد مستحيل مستحيل ما توعدون أى تخبرون وهذا يعنى أنهم يطلبون منهم التكذيب بالبعث دون أى حجة أو برهان وهو ما يعنى أن يطيعوا كلامهم مع أنهم ناس مثل الرسول الذى نهوهم عن طاعته وقالوا للضعاف إن هى إلا حياتنا الدنيا أى معيشتنا الأولى والمراد ليس لنا سوى حياة واحدة هى حياتنا فى الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر والمراد نتوفى ونعيش فى الدنيا وما نحن براجعين للحياة مرة أخرى والسبب فى موتنا أى دمارنا هو عوامل الزمن وهذا يعنى أنهم يقولون أنهم يعيشون ثم يموتون وبعد ذلك ليس هناك حياة أخرى بعد الموت وفى المعنى قال تعالى:
"أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون هيهات هيهات لما توعدون إن هى إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر "
وطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للناس :إن صاحب أى صديق صاحب الجنتين قال له وهو يحاوره أى يناقشه فى أحكامه الضالة :أكفرت بالذى خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا أى هل كذبت بحكم خالقك الذى أبدعك من طين ثم من منى ثم صورك ذكرا ؟والغرض من السؤال هو إخبار صاحب الجنتين أن أصل الإنسان تراب أكله أبواه فى صورة أطعمة متنوعة ثم تحول فيهما لنطفة أى لمنى فخلقه من جزء من المنى ثم صوره ذكرا وما دام هو الرب أى الخالق فهو وحده المستحق للعبادة ليس معه آلهة مزعومة ،وقال لكنا هو الله ربى أى خالقى ولا أشرك بربى أحدا والمراد ولا أعبد مع خالقى ربا مزعوما وهذا يعنى أنه يخص الله وحده بالعبادة وفى المعنى قال تعالى:
"قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذى خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا لكنا هو الله ربى ولا أشرك بربى أحدا "
الصفوان على التراب:
طلب الله من الذين أمنوا أى صدقوا حكم الله ألا يبطلوا صدقاتهم بالمن والأذى والمراد ألا يحبطوا عطاياهم بالفخر على الأخذين وإلحاق الضرر بالأخذين وهذا يعنى أن ثواب العطايا يزول بسبب المن والأذى ومثل أى شبه و هذا يعنى أن الله شبه هذا المبطل لثوابه بالذى ينفق ماله رئاء الناس والمراد بالذى يصرف من ملكه إرضاء للخلق وليس إرضاء لله وهو لا يؤمن أى لا يصدق بالله أى بحكم الله واليوم الأخر أى يوم القيامة ومثل أى شبه المنفق ماله رئاء الناس كمثل أى كشبه صفوان عليه تراب والمراد كحجر عليه غبار يغطيه فأصابه وابل والمراد فنزل عليه مطر فتركه صلدا أى فجعله صخرا على طبيعته وهى كونه جامد قاسى وأصل التشبيه هو المتصدق هو الحجر وانفاقه هو التراب الذى يغطى حقيقته وأما الوابل فهو الوحى الذى أظهر حقيقة المتصدق وهى كونه قاسى القلب ،وبين الله لنا أنه لا يهدى القوم الظالمين والمراد لا يرحم القوم الكافرين بحكم الله وفى المعنى قال تعالى:
"يا أيها الذين أمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذى ينفق ماله رئاء الناس ولا يؤمن بالله واليوم الأخر فمثله كمثل صفوان عليه تراب فأصابه وابل فتركه صلدا لا يقدرون على شىء مما كسبوا "
العجب من إنكار الكفار الخلق من تراب :
بين الله للنبى (ص)أنه إن يعجب أى يستغرب فعليه أن يعجب أى يستغرب من قول الكفار "أإذا كنا ترابا أإنا لفى خلق جديد" والمراد هل إذا كنا عظاما ورفاتا لفى حياة حديثة وفى هذا قال بسورة الإسراء"وقالوا أإذا كنا عظاما ورفاتا أإنا لمبعوثون خلقا جديدا"والغرض من السؤال هو إخبارنا أن الكفار لا يؤمنون بالبعث وفى المعنى قال تعالى:
"وإن تعجب فعجب قولهم أإذا كنا ترابا إأنا لفى خلق جديد "
خلق آدم (ص) وعيسى(ص) من تراب :
بين الله لرسوله(ص)أن مثل عيسى (ص)عند الله كمثل آدم(ص) والمراد أن خلق عيسى (ص)يشبه خلق أدم(ص)فى أن كلاهما تم خلقه من تراب والمراد أنشأه من طين وكلاهما قال الله له كن فكان والمراد وكلاهما تم خلقه بقول تواجد فتواجد وهذا القول من الله رد على من ادعوا ألوهية عيسى (ص)فهو يقول لهم لو كان عيسى(ص)إلها لكان آدم(ص)إلها مع الأخذ فى الإعتبار أن آدم (ص) يتميز عليه بأنه ليس له أم ،ويبين الله لرسوله (ص)أن ذلك هو الحق من ربه أى العدل أى الصدق فى أمر عيسى(ص)ويطلب منه ألا يكون من الممترين وهم الكافرين بدين الله
وفى هذا قال تعالى :
"إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون الحق من ربك فلا تكونن من الممترين
دس البنت في التراب :
بين الله للنبى(ص) أن الكافر إذا بشر أى أخبر بولادة أنثى أى بنت له ظل وجهه مسودا والمراد استمر وجهه حالكا وبألفاظ أخرى ظهر على تقاسيم وجهه الضيق طول الوقت وهو كظيم أى مغتاظ والمراد غاضب فى داخله وهو يتوارى من الناس والمراد يتخفى من البشر والمراد يبتعد عن مقابلة الناس والسبب فى فعله هذا هو اعتقاده أن البنت سوء أى شر بشر به أى أخبر به والمراد ضرر أصيب به ويتصارع فى نفس الإنسان أمران :الأول أن يمسكه على هون والمراد أن يبقيها على ذل يعتقد أنه يصيبه بسببها والثانى أن يدسه فى التراب والمراد أن يدفنها فى الأرض تخلصا من ذلها الذى يعتقد أنها ستجلبه له وبين الله أن هذا الحكم قد ساء أى قبح وهذا يعنى أنه محرم وقوله ألا ساء ما يحكمون يعنى ألا قبح ما يقضون به أى ما يزرون مصداق لقوله بسورة النحل"ألا ساء ما يزرون "وهذا يعنى أن عليهم البعد عنه وفى المعنى قال تعالى:
"وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه فى التراب ألا ساء ما يحكمون"
قول القرين بإنكار البعث من التراب :
بين الله لنبيه (ص)أن المخلصين يأتى والمراد يحضر بعضهم إلى بعض وهم يتساءلون أى يستخبرون فيقول قائل والمراد واحد منهم :إنى كان لى قرين أى صاحب يقول أإنك لمن المصدقين أى المؤمنين بحكم الله ؟والغرض من السؤال هو تحريض المؤمن على تكذيب الوحى ويقول أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما والمراد هل إذا توفينا وكنا فتاتا وعظاما هل إنا لمدينون أى لمحاسبون ؟والغرض من السؤال هو تحريض المؤمن على تكذيب وحى الله بسبب اعتقاد القرين أن البعث للدين وهو الحساب مستحيل فى رأيه
وفى المعنى قال تعالى:
"فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون قال قائل منهم إنى كان لى قرين يقول أإنك لمن المصدقين أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمدينون "
تمنى الكافر فى القيامة أن يكون ترابا:
بين الله أنه أنذر الناس عذابا قريبا والمراد أنه أخبر الناس عقابا واقعا يوم ينظر المرء ما قدمت يداه والمراد يوم يرى الإنسان ما عملت نفسه فى كتابه مصداق لقوله بسورة الزلزلة "فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره"ويقول الكافر وهو المكذب بدين الله :يا ليتنى كنت ترابا أى كنت فتاتا أى تسوى بهم الأرض مصداق لقوله بسورة النساء"يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض". وفى المعنى قال تعالى:
"إنا أنذرناكم عذابا قريبا يوم ينظر المرء ما قدمت يداه ويقول الكافر يا ليتنى كنت ترابا
اطعام المسكين ذو المتربة:
بين الله لنبيه (ص)أن على الإنسان أن يقتحم العقبة والمراد أن يجتاز السد بينه وبين الإسلام وبين الله التالى ما أدراك ما العقبة والمراد والله الذى علمك ما السد هو العقبة أى المانع هو : فك رقبة أى عتق إنسان من الرق أو إطعام مسكين فى يوم ذى مسغبة والمراد إعطاء محتاج فى يوم ذى عسر وهذا المحتاج هو اليتيم ذى المقربة أى فاقد الأب صاحب القرابة أو المسكين ذى المتربة وهو الفقير صاحب القرابة والمتربة هى الصلب مصداق لقوله بسورة الطارق"يخرج من بين الصلب والترائب"وهى المنى وفى المعنى قال تعالى:
"فلا أقتحم العقبة وما أدراك ما العقبة فك رقبة أو إطعام فى يوم ذى مسغبة يتيما ذا مقربة أو مسكينا ذا متربة "
الكواعب الأتـراب :
بين الله أن المتقين وهم المطيعين لحكمه لهم مفازا أى نصرا أى ثوابا هو حدائق أى جنات وأعناب ،وكواعب أترابا وهن الفتيات الزميلات والمراد الحور العين ،وكأس دهاق أى نهر جارى بالشراب اللذيذ وفى المعنى قال تعالى:
"إن للمتقين مفازا حدائق وأعنابا وكواعب أترابا وكأسا دهاقا "
وبين الله لنبيه(ص) لأصحاب اليمين أنه أنشأ الحور إنشاء والمراد إن الله خلق الجميلات خلقا فجعلهن أبكارا عربا أترابا والمراد عذراوات حسان متساويات فى الحسن وقد خلقهن الله لأصحاب اليمين وهم أهل السعادة وفى المعنى قال تعالى:
"إنا أنشأناهن إنشاء فجعلناهن أبكارا عربا أترابا لأصحاب اليمين ثلة من الأولين وثلة من الأخرين "
وبين الله لنبيه (ص)أن المؤمنين العاملين للصالحات عندهم قاصرات الطرف أتراب والمراد ولديهم فى المساكن غضيضات البصر متساويات فى الحسن والجمال وفى المعنى قال تعالى:
"وعندهم قاصرات الطرف أتراب "
التراب في الفقه :
تحدث الفقهاء عن التراب في مسائل منها :
التيمم وهو استعمال التراب في حالة عدم وجود الماء
غسل الأوانى التى شرب منها الكلب سبع مرات بماء والثامنة أو السابعة بالتراب اعتماد على أحاديث مثل : " يغسل الإناء إذا ولغ فيه الكلب 7 مرات أولاهن أو أخراهن بالتراب وإذا ولغت فيه الهرة غسل مرة وفى رواية إذا ولغ الكلب فاغسلوه 7 مرار والثامنة عفروه بالتراب رواه الترمذى وأبو داود والبخارى
والخطأ هو غسل الإناء 7 مرات لنجاسة الكلب ويخالف هذا أن الله أمرنا أن نأكل من الصيد الذى اصطادته الكلاب ولم يأمرنا بغسله ولو لمرة واحدة فى قوله بسورة المائدة "قل أحل لكم الطيبات وما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن مما علمكم الله فكلوا مما أمسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه"ولو كان الكلب نجس لغسل الصيد ولكنه ليس كذلك ومن ثم فالإناء لا يكون نجسا لو شرب منه الكلب
مسح النعال التى أصابها الروث أو الخراء من أسفلها في التراب اعتمادا على حديث أبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ: أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى يَوْمًا، فَخَلَعَ نَعْلَيْهِ فِي الصَّلاَةِ، فَخَلَعَ الْقَوْمُ نِعَالَهُمْ، فَلَمَّا فَرَغَ سَأَلَهُمْ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالُوا: رَأَيْنَاكَ خَلَعْتَ نَعْلَيْكَ، فَقَال: أَتَانِي جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَامُ وَأَخْبَرَنِي أَنَّ بِهِمَا أَذًى فَخَلَعْتُهُمَا، ثُمَّ قَال: إِذَا أَتَى أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلْيُقَلِّبْ نَعْلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ بِهِمَا أَذًى فَلْيَمْسَحْهُمَا بِالأْرْضِ، فَإِنَّ الأْرْضَ لَهُمَا طَهُورٌ"
وطالما أن التراب يصلح المسلم للصلاة كما في أية التيمم فهو يصلح ما توسخ بروث أو خراء بمسحه به
الصوم تحدثوا عن أن أكل التراب يفطر الإنسان وهو لا يفطره لكونه ليس أكلا ولا شربا ولا يأكله إنسان إلا إن كان مجنونا أو مضطرا لجوعه وعدم وجود شىء غيره
أكل التراب حرموا أكله لكونه ليس طعاما وأحل بعضهم أكله لمن اضطر
البيع أحل بعضهم بيع التراب وحرم البعض الأخر بيعه والحق أن بيعه حلال في المجتمعات التى يعيش فيها المسلمون ولا تحكم بحكم الله وأما في المجتمع المسلم بحكم الله فالمبيعات منظمة فيها وليست مطلقة كما هو الحال في مجتمعات الرأسمالية وغيرها
التراب فى القرآن:
خلق الإنسان من التراب:
خاطب الله الناس وهم الخلق مبينا لهم إنهم إن كانوا فى ريب من البعث والمراد إن كانوا فى تكذيب للقيام بعد الموت فإنه قد خلقهم من تراب والمراد أنشأهم من طين مصداق لقوله بسورة الأنعام"خلقكم من طين "والتراب هو الصعيد الذى تحول إلى طعام أكله الناس فتحول إلى نطفة أى جزء من المنى فى أجسامهم ولما استقر منى الرجل مع منى المرأة فى رحمها تحولا إلى علقة أى قطعة من المنى الملتف حول نفسه مرفوعة فى وسط الرحم وبعد ذلك تحولت القطعة المرفوعة إلى مضغة مخلقة وغير مخلقة والمراد إلى لحم متغير وغير متغير فاللحم المتغير هو الذى يتحول بعد إلى ذلك لعظام يغطيها اللحم غير المتغير مصداق لقوله بسورة المؤمنون"فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما "وهذه الحقائق ليبين أى ليظهر الله للناس قدرته على البعث ،وبعد ذلك يقر الله فى الأرحام ما يشاء إلى أجل مسمى والمراد يخلق الله فى البطون الذى يريد سواء ذكر أو أنثى إلى موعد معلوم له وحده ،وبين الله للناس أنه من بعد مراحل الخلق السابقة يخرجهم طفلا والمراد يخلقهم وليدا والمراد يخلق كل واحد منهم مولودا يعيش ليبلغوا أشدهم أى ليصلوا قوتهم والمراد ليصلوا لسن الشباب ومنهم من يتوفى أى يموت قبل وصوله لسن القوة ومنهم من يرد إلى أرذل العمر أى ومنهم من يعود إلى أسوأ الحياة وهذا يعنى أن منهم من يصل لأسوأ مراحل الشيخوخة وفيها لا يعلم من بعد علم شيئا أى وفيها لا يعرف من بعد معرفة أمرا وهذا يعنى أنه يصاب بالنسيان التام لكل شىء وفى المعنى قال تعالى:
"يا أيها الناس إن كنتم فى ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر فى الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى ثم نخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا لا يعلم بعد علم شيئا "
وبين الله للناس أن من آياته وهى البراهين الدالة على وجوب عبادته وحده أنه خلق الناس من تراب أى فتات من الط\طين مصداق لقوله بسورة الأنعام"هو الذى خلقكم من طين "فإذا أنتم بشر تنتشرون والمراد فإذا أنتم ناس تخرجون للحياة وفى المعنى قال تعالى:
"ومن آياته أن خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشر تنتشرون "
وبين الله للناس أن الله خلقهم من تراب والمراد أن الرب أبدعهم من طين مصداق لقوله بسورة الأنعام"هو الذى خلقكم من طين"ثم من نطفة أى جزء يسير من المنى ثم جعلكم أزواجا أى ثم خلقكم أفرادا أى ناسا
وفى المعنى قال تعالى:
"والله خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم جعلكم أزواجا "
وبين الله للناس على لسان النبى(ص) أنه هو الذى خلقهم أى أبدعهم من تراب مبلل وهو الطين مصداق لقوله بسورة الأنعام "هو الذى خلقكم من طين "وهذا الطين تحول لطعام أكله الأبوان فتحول إلى نطفة أى جزء يسير من المنى الذى يفرز عند الجماع ثم تحول الجزء اليسير وهو الحيوان المنوى والبويضة كما يسمونهم الآن إلى علقة أى قطعة لحم كاللحم الممضوغ وبعد ذلك يخرجكم طفلا أى يخلقكم وليدا ينمو ثم لتبلغوا أشدكم والمراد ثم لتصلوا قوتكم وهو شبابكم ثم لتكونوا شيوخا أى ثم لتصبحوا بعد ذلك عجائز ومنكم من يتوفى أى يموت من قبل فى أى مرحلة من المراحل السابقة وبعد ذلك لتبلغوا أجلا مسمى أى لتعيشوا عمرا محددا تموتون بعده والسبب فى خلقكم هو أن تعقلوا أى تطيعوا حكم الله وفى المعنى قال تعالى:
"هو الذى خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم يخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ثم لتكونوا شيوخا ومنكم من يتوفى ولتبلغوا أجلا مسمى ولعلكم تعقلون "
الماء الدافق يخرج من بين الصلب والترائب :
وطلب الله من الإنسان وهو الفرد أن ينظر مما خلق والمراد أن يعرف من أى شىء أنشأه الله،ويعرفه الله المطلوب فيقول خلق من ماء دافق أى أنشأ من ماء مدفوع أى مهين مصداق لقوله بسورة المرسلات"ألم نخلقكم من ماء مهين "وهذا الماء يخرج من بين الصلب أى وسط الصلب وهو نفسه الترائب لأنه قال بسورة النساء"وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم "فهنا مخلوق من الأصلاب وحدها وهذا يعنى أن المصدر واحد فقط وهو ثقب القضيب وثقب المهبل الذى يتدفق منهما الماء المهين عند الجماع وسمى العضو بالصلب لأن القضيب والمهبل يكونان فى حالة ليونة عادة وعند الجماع يتضخمان ويصبحان فى حالة صلابة والصلابة تعنى أنهما جامدان وليس لينان وبين للنبى (ص) أنه على رجعه لقادر والمراد أنه على إحيائه لفاعل مصداق لقوله بسورة القيامة "أليس بقادر على أن يحيى الموتى "يوم تبلى السرائر والمراد يوم تكشف الخفايا وهى الأعمال وبين له أن الكافر ليس له قوة أى عزة تحميه وليس له ناصر أى حامى من عذاب الله وفى المعنى قال تعالى:
فلينظر الإنسان مما خلق خلق من ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب إنه على رجعه لقادر يوم تبلى السرائر فما له من قوة ولا ناصر "
إنكار الخلق الجديد من تراب :
خاطب الله ق وهو نبيه (ص)مقسما بالقرآن المجيد والمراد والكتاب العظيم أن الناس عجبوا أن جاءهم منذر منهم والمراد أن الناس استغربوا أن أتاهم مبلغ أى مخبر منهم فقال الكافرون وهم المكذبون بحكم الله :هذا شىء عجيب والمراد هذا أمر غريب وهو إأذا متنا أى توفينا وكنا ترابا أى وأصبحنا فتاتا ذلك رجع بعيد أى البعث عود مستحيل وهذا يعنى أنهم يستغربون من البعث ويظنونه أمرا مستحيلا وفى المعنى قال تعالى:
"ق والقرآن المجيد بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم فقال الكافرون هذا شىء عجيب إأذا متنا وكنا ترابا ذلك رجع بعيد "
وبين الله لنبيه (ص)أن أهل الشمال كانوا يقولون فى الدنيا :أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون أو آباؤنا الأولون والمراد هل إذا هلكنا وكنا غبارا وعظاما مفتتة هل إنا عائدون للحياة مرة أخرى أو آباؤنا السابقون؟وهذا يعنى أنهم يكذبون بالبعث ،وطلب الله من نبيه (ص) أن يقول للكفار:إن الأولين وهم السابقين فى الزمن والأخرين وهم المتأخرين فى الزمن لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم والمراد لمبعوثون فى موعد يوم معروف لله وحده وفى المعنى قال تعالى:
"وكانوا يقولون أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون أو آباؤنا الأولون قل إن الأولين والأخرين لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم "
وبين الله لنبيه (ص)أن الكفار قالوا أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما والمراد هل إذا توفينا وكنا فتاتا وعظاما أو آباؤنا الأولون وهم السابقون ؟والغرض من السؤال هو إخبارنا تكذيبهم بالبعث ويطلب الله من نبيه (ص)أن يجيب على سؤالهم نعم وأنتم داخرون أى مبعوثون أى راجعون للحياة ويقول الله له فإنما هى زجرة واحدة أى نفخة واحدة أى "إن كانت إلا صيحة واحدة "كما قال بسورة يس فإذا هم ينظرون أى يخرجون أحياء وقالوا يا ويلنا أى يا عذابنا هذا يوم الدين والمراد هذا يوم الحساب أى البعث مصداق لقوله بسورة الروم"هذا يوم البعث أى"إن هذا يوم الفصل أى الحكم بالجنة أو النار الذى كنتم به تكذبون أى الذى كنتم به تكفرون فى الدنيا وفى المعنى قال تعالى:
"أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون أو أباؤنا الأولون قل نعم وأنتم داخرون فإنما هى زجرة واحدة فإذا هم ينظرون "
وبين الله الذين كفروا أى كذبوا حكم الله قالوا :أإذا كنا ترابا وآباؤنا أإنا لمخرجون والمراد هل إذا كنا فتاتا وآباؤنا هل إنا مبعوثون للحياة مرة أخرى مصداق لقوله بسورة المؤمنون "أإنا لمبعوثون"لقد وعدنا أى أخبرنا هذا نحن وآباؤنا من قبل إن هذا إلا أساطير الأولين أى تخاريف السابقين والمراد أكاذيب السابقين وفى المعنى قال تعالى:
"وقال الذين كفروا أإذا كنا ترابا وأباؤنا أإنا لمخرجون لقد وعدنا هذا نحن وآباؤنا من قبل إن هذا إلا أساطير الأولين "
وبين الله لنبيه (ص)أن الكفار قالوا مثل ما قال الأولون والمراد تحدثوا بشبه ما تحدث الكفار السابقون حيث قالوا أإذا متنا أى هلكنا وكنا ترابا أى رفاتا أى فتاتا وعظاما مصداق لقوله بسورة الإسراء "أإذا كنا عظاما ورفاتا "أإنا لمبعوثون أى لعائدون للحياة أى مخرجون مصداق لقوله بسورة النمل "أإذا كنا ترابا وآباؤنا أإنا لمخرجون "لقد وعدنا أى أخبرنا نحن وآباؤنا هذا من قبل – وهذا يعنى أن الرسل السابقين أخبروا آبائهم بنفس القول- إن هذا إلا أساطير الأولين وهى خلق أى أكاذيب السابقين مصداق لقوله بسورة الشعراء"إن هذا إلا خلق الأولين "وهذا يعنى أنهم يكذبون بالبعث ويعتبرونه كذب وفى المعنى قال تعالى:
"بل قالوا مثل ما قال الأولون قالوا أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون لقد وعدنا نحن وآباؤنا هذا من قبل إن هذا إلا أساطير الأولين "وبين الله للنبى(ص) أن السادة سألوا الضعاف :أيعدكم أنكم إذا متم والمراد هل يخبركم أنكم إذا توفيتم وكنتم ترابا وعظاما أى رفاتا وفتاتا مصداق لقوله بسورة الإسراء "أإذا كنا عظاما ورفاتا "أنكم مخرجون أى أنكم مبعوثون للحياة مصداق لقوله بسورة الإسراء "أإنا لمبعوثون "هيهات هيهات والمراد مستحيل مستحيل ما توعدون أى تخبرون وهذا يعنى أنهم يطلبون منهم التكذيب بالبعث دون أى حجة أو برهان وهو ما يعنى أن يطيعوا كلامهم مع أنهم ناس مثل الرسول الذى نهوهم عن طاعته وقالوا للضعاف إن هى إلا حياتنا الدنيا أى معيشتنا الأولى والمراد ليس لنا سوى حياة واحدة هى حياتنا فى الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر والمراد نتوفى ونعيش فى الدنيا وما نحن براجعين للحياة مرة أخرى والسبب فى موتنا أى دمارنا هو عوامل الزمن وهذا يعنى أنهم يقولون أنهم يعيشون ثم يموتون وبعد ذلك ليس هناك حياة أخرى بعد الموت وفى المعنى قال تعالى:
"أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون هيهات هيهات لما توعدون إن هى إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر "
وطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للناس :إن صاحب أى صديق صاحب الجنتين قال له وهو يحاوره أى يناقشه فى أحكامه الضالة :أكفرت بالذى خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا أى هل كذبت بحكم خالقك الذى أبدعك من طين ثم من منى ثم صورك ذكرا ؟والغرض من السؤال هو إخبار صاحب الجنتين أن أصل الإنسان تراب أكله أبواه فى صورة أطعمة متنوعة ثم تحول فيهما لنطفة أى لمنى فخلقه من جزء من المنى ثم صوره ذكرا وما دام هو الرب أى الخالق فهو وحده المستحق للعبادة ليس معه آلهة مزعومة ،وقال لكنا هو الله ربى أى خالقى ولا أشرك بربى أحدا والمراد ولا أعبد مع خالقى ربا مزعوما وهذا يعنى أنه يخص الله وحده بالعبادة وفى المعنى قال تعالى:
"قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذى خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا لكنا هو الله ربى ولا أشرك بربى أحدا "
الصفوان على التراب:
طلب الله من الذين أمنوا أى صدقوا حكم الله ألا يبطلوا صدقاتهم بالمن والأذى والمراد ألا يحبطوا عطاياهم بالفخر على الأخذين وإلحاق الضرر بالأخذين وهذا يعنى أن ثواب العطايا يزول بسبب المن والأذى ومثل أى شبه و هذا يعنى أن الله شبه هذا المبطل لثوابه بالذى ينفق ماله رئاء الناس والمراد بالذى يصرف من ملكه إرضاء للخلق وليس إرضاء لله وهو لا يؤمن أى لا يصدق بالله أى بحكم الله واليوم الأخر أى يوم القيامة ومثل أى شبه المنفق ماله رئاء الناس كمثل أى كشبه صفوان عليه تراب والمراد كحجر عليه غبار يغطيه فأصابه وابل والمراد فنزل عليه مطر فتركه صلدا أى فجعله صخرا على طبيعته وهى كونه جامد قاسى وأصل التشبيه هو المتصدق هو الحجر وانفاقه هو التراب الذى يغطى حقيقته وأما الوابل فهو الوحى الذى أظهر حقيقة المتصدق وهى كونه قاسى القلب ،وبين الله لنا أنه لا يهدى القوم الظالمين والمراد لا يرحم القوم الكافرين بحكم الله وفى المعنى قال تعالى:
"يا أيها الذين أمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذى ينفق ماله رئاء الناس ولا يؤمن بالله واليوم الأخر فمثله كمثل صفوان عليه تراب فأصابه وابل فتركه صلدا لا يقدرون على شىء مما كسبوا "
العجب من إنكار الكفار الخلق من تراب :
بين الله للنبى (ص)أنه إن يعجب أى يستغرب فعليه أن يعجب أى يستغرب من قول الكفار "أإذا كنا ترابا أإنا لفى خلق جديد" والمراد هل إذا كنا عظاما ورفاتا لفى حياة حديثة وفى هذا قال بسورة الإسراء"وقالوا أإذا كنا عظاما ورفاتا أإنا لمبعوثون خلقا جديدا"والغرض من السؤال هو إخبارنا أن الكفار لا يؤمنون بالبعث وفى المعنى قال تعالى:
"وإن تعجب فعجب قولهم أإذا كنا ترابا إأنا لفى خلق جديد "
خلق آدم (ص) وعيسى(ص) من تراب :
بين الله لرسوله(ص)أن مثل عيسى (ص)عند الله كمثل آدم(ص) والمراد أن خلق عيسى (ص)يشبه خلق أدم(ص)فى أن كلاهما تم خلقه من تراب والمراد أنشأه من طين وكلاهما قال الله له كن فكان والمراد وكلاهما تم خلقه بقول تواجد فتواجد وهذا القول من الله رد على من ادعوا ألوهية عيسى (ص)فهو يقول لهم لو كان عيسى(ص)إلها لكان آدم(ص)إلها مع الأخذ فى الإعتبار أن آدم (ص) يتميز عليه بأنه ليس له أم ،ويبين الله لرسوله (ص)أن ذلك هو الحق من ربه أى العدل أى الصدق فى أمر عيسى(ص)ويطلب منه ألا يكون من الممترين وهم الكافرين بدين الله
وفى هذا قال تعالى :
"إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون الحق من ربك فلا تكونن من الممترين
دس البنت في التراب :
بين الله للنبى(ص) أن الكافر إذا بشر أى أخبر بولادة أنثى أى بنت له ظل وجهه مسودا والمراد استمر وجهه حالكا وبألفاظ أخرى ظهر على تقاسيم وجهه الضيق طول الوقت وهو كظيم أى مغتاظ والمراد غاضب فى داخله وهو يتوارى من الناس والمراد يتخفى من البشر والمراد يبتعد عن مقابلة الناس والسبب فى فعله هذا هو اعتقاده أن البنت سوء أى شر بشر به أى أخبر به والمراد ضرر أصيب به ويتصارع فى نفس الإنسان أمران :الأول أن يمسكه على هون والمراد أن يبقيها على ذل يعتقد أنه يصيبه بسببها والثانى أن يدسه فى التراب والمراد أن يدفنها فى الأرض تخلصا من ذلها الذى يعتقد أنها ستجلبه له وبين الله أن هذا الحكم قد ساء أى قبح وهذا يعنى أنه محرم وقوله ألا ساء ما يحكمون يعنى ألا قبح ما يقضون به أى ما يزرون مصداق لقوله بسورة النحل"ألا ساء ما يزرون "وهذا يعنى أن عليهم البعد عنه وفى المعنى قال تعالى:
"وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه فى التراب ألا ساء ما يحكمون"
قول القرين بإنكار البعث من التراب :
بين الله لنبيه (ص)أن المخلصين يأتى والمراد يحضر بعضهم إلى بعض وهم يتساءلون أى يستخبرون فيقول قائل والمراد واحد منهم :إنى كان لى قرين أى صاحب يقول أإنك لمن المصدقين أى المؤمنين بحكم الله ؟والغرض من السؤال هو تحريض المؤمن على تكذيب الوحى ويقول أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما والمراد هل إذا توفينا وكنا فتاتا وعظاما هل إنا لمدينون أى لمحاسبون ؟والغرض من السؤال هو تحريض المؤمن على تكذيب وحى الله بسبب اعتقاد القرين أن البعث للدين وهو الحساب مستحيل فى رأيه
وفى المعنى قال تعالى:
"فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون قال قائل منهم إنى كان لى قرين يقول أإنك لمن المصدقين أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمدينون "
تمنى الكافر فى القيامة أن يكون ترابا:
بين الله أنه أنذر الناس عذابا قريبا والمراد أنه أخبر الناس عقابا واقعا يوم ينظر المرء ما قدمت يداه والمراد يوم يرى الإنسان ما عملت نفسه فى كتابه مصداق لقوله بسورة الزلزلة "فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره"ويقول الكافر وهو المكذب بدين الله :يا ليتنى كنت ترابا أى كنت فتاتا أى تسوى بهم الأرض مصداق لقوله بسورة النساء"يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض". وفى المعنى قال تعالى:
"إنا أنذرناكم عذابا قريبا يوم ينظر المرء ما قدمت يداه ويقول الكافر يا ليتنى كنت ترابا
اطعام المسكين ذو المتربة:
بين الله لنبيه (ص)أن على الإنسان أن يقتحم العقبة والمراد أن يجتاز السد بينه وبين الإسلام وبين الله التالى ما أدراك ما العقبة والمراد والله الذى علمك ما السد هو العقبة أى المانع هو : فك رقبة أى عتق إنسان من الرق أو إطعام مسكين فى يوم ذى مسغبة والمراد إعطاء محتاج فى يوم ذى عسر وهذا المحتاج هو اليتيم ذى المقربة أى فاقد الأب صاحب القرابة أو المسكين ذى المتربة وهو الفقير صاحب القرابة والمتربة هى الصلب مصداق لقوله بسورة الطارق"يخرج من بين الصلب والترائب"وهى المنى وفى المعنى قال تعالى:
"فلا أقتحم العقبة وما أدراك ما العقبة فك رقبة أو إطعام فى يوم ذى مسغبة يتيما ذا مقربة أو مسكينا ذا متربة "
الكواعب الأتـراب :
بين الله أن المتقين وهم المطيعين لحكمه لهم مفازا أى نصرا أى ثوابا هو حدائق أى جنات وأعناب ،وكواعب أترابا وهن الفتيات الزميلات والمراد الحور العين ،وكأس دهاق أى نهر جارى بالشراب اللذيذ وفى المعنى قال تعالى:
"إن للمتقين مفازا حدائق وأعنابا وكواعب أترابا وكأسا دهاقا "
وبين الله لنبيه(ص) لأصحاب اليمين أنه أنشأ الحور إنشاء والمراد إن الله خلق الجميلات خلقا فجعلهن أبكارا عربا أترابا والمراد عذراوات حسان متساويات فى الحسن وقد خلقهن الله لأصحاب اليمين وهم أهل السعادة وفى المعنى قال تعالى:
"إنا أنشأناهن إنشاء فجعلناهن أبكارا عربا أترابا لأصحاب اليمين ثلة من الأولين وثلة من الأخرين "
وبين الله لنبيه (ص)أن المؤمنين العاملين للصالحات عندهم قاصرات الطرف أتراب والمراد ولديهم فى المساكن غضيضات البصر متساويات فى الحسن والجمال وفى المعنى قال تعالى:
"وعندهم قاصرات الطرف أتراب "
التراب في الفقه :
تحدث الفقهاء عن التراب في مسائل منها :
التيمم وهو استعمال التراب في حالة عدم وجود الماء
غسل الأوانى التى شرب منها الكلب سبع مرات بماء والثامنة أو السابعة بالتراب اعتماد على أحاديث مثل : " يغسل الإناء إذا ولغ فيه الكلب 7 مرات أولاهن أو أخراهن بالتراب وإذا ولغت فيه الهرة غسل مرة وفى رواية إذا ولغ الكلب فاغسلوه 7 مرار والثامنة عفروه بالتراب رواه الترمذى وأبو داود والبخارى
والخطأ هو غسل الإناء 7 مرات لنجاسة الكلب ويخالف هذا أن الله أمرنا أن نأكل من الصيد الذى اصطادته الكلاب ولم يأمرنا بغسله ولو لمرة واحدة فى قوله بسورة المائدة "قل أحل لكم الطيبات وما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن مما علمكم الله فكلوا مما أمسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه"ولو كان الكلب نجس لغسل الصيد ولكنه ليس كذلك ومن ثم فالإناء لا يكون نجسا لو شرب منه الكلب
مسح النعال التى أصابها الروث أو الخراء من أسفلها في التراب اعتمادا على حديث أبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ: أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى يَوْمًا، فَخَلَعَ نَعْلَيْهِ فِي الصَّلاَةِ، فَخَلَعَ الْقَوْمُ نِعَالَهُمْ، فَلَمَّا فَرَغَ سَأَلَهُمْ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالُوا: رَأَيْنَاكَ خَلَعْتَ نَعْلَيْكَ، فَقَال: أَتَانِي جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَامُ وَأَخْبَرَنِي أَنَّ بِهِمَا أَذًى فَخَلَعْتُهُمَا، ثُمَّ قَال: إِذَا أَتَى أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلْيُقَلِّبْ نَعْلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ بِهِمَا أَذًى فَلْيَمْسَحْهُمَا بِالأْرْضِ، فَإِنَّ الأْرْضَ لَهُمَا طَهُورٌ"
وطالما أن التراب يصلح المسلم للصلاة كما في أية التيمم فهو يصلح ما توسخ بروث أو خراء بمسحه به
الصوم تحدثوا عن أن أكل التراب يفطر الإنسان وهو لا يفطره لكونه ليس أكلا ولا شربا ولا يأكله إنسان إلا إن كان مجنونا أو مضطرا لجوعه وعدم وجود شىء غيره
أكل التراب حرموا أكله لكونه ليس طعاما وأحل بعضهم أكله لمن اضطر
البيع أحل بعضهم بيع التراب وحرم البعض الأخر بيعه والحق أن بيعه حلال في المجتمعات التى يعيش فيها المسلمون ولا تحكم بحكم الله وأما في المجتمع المسلم بحكم الله فالمبيعات منظمة فيها وليست مطلقة كما هو الحال في مجتمعات الرأسمالية وغيرها